الحضارة المصرية

الدولة المملوكية وحكمها من البداية إلى السقوط

لمن يتابعنا للمرة الأولى، تحدثنا في سلسلة مقالات مميزة عن الحضارة المصرية من بدايتها بشكل مفصل حتى وصلنا إلى سقوط الدولة الإخشيدية. اليوم نتحدث عن الدولة الأيوبية.

منذ بداية العالم وضُخ دم البشرية في عروق الحياة، خرجت للدنيا حضارة تعد عالما قائما بذاته، غيرت مجرى التاريخ ورسمت ملامح عظمتها على وجه الزمن، وكنا وما زلنا وسنظل نفخر بها حتى النهاية، ودائما نأخذ دور غواص في بحر الحضارة المصرية القديمة ونفتش عن الحضارة المصرية ونسرد ومضات تاريخية عن تاريخ الاسر المصرية القديمة.

فتحدثنا عن ومضات تاريخية للحضارة المصرية منذ البداية أي قبل أن يحفر المصري القديم مكانته بين البشر، وينطلق لأعنان السماء معلنا عن بداية ليس لها نهاية، من عبقرية وتحدٍ وقدرة على الإبداع لم يعرف لها العالم سر بعد، وقررنا أن ننزل إلى الأعماق.

كما تحدثنا في المقال السابق عن الدولة الأيوبية، واليوم موعدنا مع الدولة المملوكية.

الدولة المملوكية

 الدولة المملوكية أو السلطنة المملوكية

أو دولة المماليك أو سلطنة المماليك هى إحدى الدول الإسلامية التى قامت فى مصر خلال أواخر العصر العباسى الثالث، وامتدت حدودها لاحقا لتشمل الشام والحجاز، ودام ملكها منذ سقوط الدولة الأيوبية سنة 648هـ الموافقة لسنة 1250م، حتى بلغت الدولة العثمانية ذروة قوتها وضم السلطان سليم الأول.

من هو الذي أسس دولة المماليك؟

يرجع تاريخ الدولة المملوكية البحرية (648-792هـ/ 1250-1390م) إلى مؤسسها السلطان نجم الدين أيوب الذى أتى بالمماليك وبنى لهم قلعة بجزيرة الروضة عام 638 هـ ، وتنقسم دولة المماليك البحرية إلى أسرتين وهما أسرة الظاهر بيبرس البندقداري الذي حكم مصر مدة 17عاما ويعتبر هو المؤسس الحقيقي لدولتهم، حيث قام بالعديد من التعديلات الإدارية.

تاريخ مصر في عهد المماليك

هي الفترة الزمنية من عام 1250 إلى عام 1517 والتي كانت فيها مصر تحت حكم المماليك. يمكن تقسيم هذه الفترة الزمنية الممتدة على مدى 200 عام تقريبا إلى فترتين شهدت كل واحدة منها قيام دولة للمماليك.

الفترة الأولى والتي امتدت من عام (1250-1382 م) شهدت قيام الدولة المملوكية الأولى أو دولة المماليك البحرية ومؤسسها هو عز الدين أيبك، أما الفترة الثانية والتي كانت من عام (1382-1517) فقد شهدت قيام دولة المماليك الثانية أو ما تسمى بـ دولة المماليك البرجية (أو الجركسية) ومؤسسها هو الظاهر برقوق العثماني الجركسي والتي ظلت تحكم مصر حتى سقوطها ونهايتها وانتقال الخلافة منها إلى العثمانيين.

تاريخ مصر المملوكيه

البداية
1250
النهاية
1517

تُعرف دولة المماليك بكثرة الولاة والسلاطين الذين حكموها وبقصر فترة حكمهم. فعلى سبيل المثال حكم دولة المماليك الأولى (المماليك البحرية) التي استمرت 144 سنة 29 سلطانا.

الدولة المملوكية

وذلك يعني أن متوسط حكم السلطان لم يكن يتعدى خمس سنوات. وإن كان بعضهم قد حكم فترات طويلة، فإن الكثير منهم قد حكم عامًا أو عامين فقط. كما تشتهر دولة المماليك بكثرة الانقلابات والاضطرابات العسكرية، فقد قتل من السلاطين التسعة والعشرون عشرة، وخُلع اثنا عشر! وهكذا كانت القوَّة والسلاح هي وسيلة التغيير الرئيسية للسلاطين.

خلال عصر الدولة المملوكية، الذي استمرت من عام (1250م-1517م)، حكمها نحو 55 سلطانًا انتهى حكم أكثر من 35 منهم بانقلابات، وانتهت حياة أكثر من 20 منهم بين القتل اغتيالًا أو إعدامًا أو بميتة شابتها شبهة اغتيال.

حكم المماليك مصر لمدة قرنين ونصف تقريباً محققين إنجازات عسكرية مهمة بمقابل الكثير من الإخفاقات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وخلفوا من ورائهم كثير من الآثار شاهدة على تقدم فنون البناء والعمارة والزخرفة في عصرهم، وعلى كم البذخ المادى والفساد الذي أطاح بدولتهم في نهاية الأمر.

تحسب لهم العديد من الإنجازات المشرقة في تاريخ أمة الإسلام منها: وقوفهم سدًا منيعًا لصد قوتين من قوى الشر التي حاولت هدم صرح الإسلام، وهما التتار والصليبيون، وكان للمماليك جهاد مستمر ضد هاتين القوتين، وعلى مراحل مختلفة، وظلت دولة المماليك تحمل راية الإسلام في الأرض قرابة ثلاثة قرون.

دولة المماليك البحرية (1250-1382)

يرجع تاريخ دولة المماليك البحرية إلى مؤسسها السلطان نجم الدين أيوب الذي أتى بالمماليك وبنى لهم قلعة بجزيرة الروضة عام 638 هـ، وتنقسم دولة المماليك البحرية إلى أسرتين وهما أسرة الظاهر بيبرس البندقداري الذي حكم مصر مدة 17عاما ويعتبر هو المؤسس الحقيقي لدولتهم.

حيث قام بالعديد من التعديلات الإدارية ومنها إعادة إحياء الخلافة العباسية ونقل مقرها إلى القاهرة عام 658هـ، وأسرة المنصور قلاوون حيث يعتبر حكم الناصر محمد بن قلاوون الذي قارب على نصف قرن من الحكم أزهى عصور المماليك البحرية وقد تعاقب على حكم مصر بعد الناصر محمد العديد من الحكام وكانوا غالبيتهم صغار السن فيتحكم بهم قادة الجيش (الأتابكة) وظل الحال كذلك إلى أن ظهر الأمير برقوق مؤسس دولة المماليك الجراكسة (البرجية).

الدولة المملوكية

دولة المماليك البرجية (1382-1517)

تأسست دولة المماليك البرجية (أو الجركسية) على يد سيف الدين برقوق. وتعود جذورهم إلى عهد المنصور قلاوون، الذي استعان بهم كثيرا في جيشه. وكانت هذه الفرقة مواليه له عندما أصبح جنرال عسكري، أصبح أحد هؤلاء المماليك الشركسيين (وهو برقوق) أحد أهم وأقوى رجال الدولة.

ويمثل وصوله إلى الحكم بداية السلالة المملوكية البرجية. شهدت مصر تقدماً معمارياً وفنياً خلال هذا العصر على الرغم من أنها كانت فترة غير مستقرة. حكمت دولة المماليك البرجية مصر لمدة 135 سنة تقريباً من خلال 23 من السلاطين بالتناوب. وانتهت مملكتهم بهزيمة السلطان طومان باي.

قيام دولة المماليك في مصر

انتقلت السيطرة على الدولة إلى حُرّاس المماليك بعد وفاة السلطان الأيوبي عام 1250م في مصر، حيث استولى العسكريون على الحُكم عام 1258، وسُمّيت دولتهم بالمماليك نسبةً إلى كلمة المملوك التي تعني العبد بالعربيّة، حيثُ كان المماليك عبيداً أتى مُعظمهم من أصول تركيّة أو من القوقاز

نظام السلاطين المماليك في مصر

كان نظام دولة المماليك في مصر يتمثّل في شخص السلطان، حيثُ كان يُعرف بسيطرته على جميع الأمراء والوزراء في الدولة، واعتمد النظام الداخلي للمماليك على حنكة السلطان في التلاعب به، حيث كان ينبغي لكل سلطان في الدولة أن يُكافح للحفاظ على عرشه وسُلطته.

وتعود أصول الدولة المملوكية قي مصر إلى سلالة الأيوبيّين التي أسّسها صلاح الدين الأيوبي عام 1174م مع عمه شيروخ، ولكن بعد وفاته تنازع أبناؤه حول تقسيم الإمبراطوريّة، وحاول كل منهم أن يجمع أكبر عدد من المماليك المؤيّدين حوله.

سياسة دولة المماليك في مصر

انتقلت السلطة في نهاية القرن الرابع عشر من سلالة المماليك الأتراك الأصليّين، أو ما يسمى بدولة المماليك البحريّة إلى الشركس الذين كانوا بدورهم عبيداً لدى الأتراك ما بين عام 1260م و1517م، وقد حكم السلاطين المماليك من أصل تركي إمبراطوريةً امتدّت من مصر إلى سوريا، وذلك بسبب القوّة المملوكيّة التي شكّلوها.

وشملت الإمبراطوريّة الأماكن المُقدّسة مثل مكّة، والمدينة، وذلك ما بين العام 1260 والعام 1517، حيثُ كان يُنظّم السلاطين المماليك رحلةً سنويّةً إلى مكّة المُكرّمة لأداء الحج، وكان العالم الإسلامي الغربي في تلك الفترة محميّاً من تهديد المغول.

وبحلول القرن الرابع عشر نمت مدن عظيمة في دولة المماليك بمصر، خاصّةً القاهرة التي أصبحت آنذاك عاصمة المماليك، والمركز الإسلامي الأبرز، وقد أُطلق اسم الممالك البحريّة على الفترة الأولى من حُكم المماليك ما بين العام 1250 و1382م، و تشير كلمة بحري إلى نظام الحُكم الذي كان سائداً في قلعة الروضة التي تقع في جزيرة تُدعى جزيرة بحر عند نهر النيل.

الدولة المملوكية

أسباب نهاية الدولة المملوكية

تنقسم أسباب نهاية الدولة المملوكية إلى عوامل داخلية وخارجية، وكغيرها من الدول عانت المماليك حروبًا متعددة دامية بين أبناء جلدتها وغيرهم على حد سواء، على أنها استمرت في حكمها منذ عام 1250-1517م، أي ما يقارب القرنين ونصف القرن.

وشهدت فيها ازدهاراً وخيانات وانتكاسات متعددة حتى أفول شمسها، مخلفةً وراءها تاريخًا يستحق المعرفة، وفيما يأتي توضيح لهذه الا سباب

الأسباب الداخلية وهي كالآتي:

  • انتشار الفوضى والفساد في عصر المماليك، مما فاقم الرشاوى واستغلال النفوذ الشخصية. الرغبة في التوسع الجغرافي دون أساسات متينة للدولة. الضعف العام لحكام المماليك أنفسهم والذي تجلى بالصراع على السلطة.
  • التركيز على تنمية الجانب العسكري للدول على حساب الاقتصاد، فقد أهمل المماليك قطاعي الصناعة والتجارة مما أودى بمصر إلى مجاعات متعددة وصل عددها إلى 20 مجاعة.
  • ارتفاع الأسعار في ظل الفقر المدقع الذي عاشه الشعب في تلك الآونة نتيجة انهيار الجانب الاقتصادي. إهمال الجانب الصحي في الدولة وانتشار الأمراض.

 الأسباب الخارجية وهي كالآتي:

  •  الهجمات والحروب المتعددة التي خاضها المماليك طوال فترة حكمهم، وأبرزها حروبهم مع التتار والصليبيين، والتي أنهكت جسد الدولة المملوكية.
  • حربهم مع الدولة العثمانية والتي تجلّت في معركة مرج دابق ومعركة الريدانية التي أنهت الحكم المملوكي.
  • اكتشاف رأس الرجاء الصالح الذي أودى بالتجارة في قعر الهاوية نتيجة تخلي الأوروبيين عن المرور بمصر لإكمال تجارتهم.
  • ارتفاع الضرائب المفروضة على السلع التجارية التي تمر من الموانئ المصرية، مما أدى إلى لجوء السفن التجاري لسلك طرق أخرى. رغم أن التاريخ يثبت دور المماليك البارز في حماية مصر وراية المسلمين فيها، إلا أن ضعف الحنكة السياسية والاقتصادية والاجتماعية في مواجهة الكوارث التي حلت بجسد الدولة عامةً أدت إلى زوالها على يد العثمانيين في مطلع القرن السادس عشر.

من أسقط دولة المماليك؟

في الفاتح من مارس/آذار عام 1811 أشرف محمد علي والي مصر الذي عينه العثمانيون على ما عرف باسم مذبحة المماليك أو مذبحة القلعة والتي أسفرت عن نتائج عديدة على رأسها تخلصه من منافسيه في حكم مصر

نأتي وإياكم إلى نهاية حديثنا اليوم عن الدولة المملوكية، وعلى وعد بلقاء الاسبوع القادم. دمتم في أمان الله.

كتبت: مروة مصطفى

آمال أحمد

يأسرني عالم الترجمة وقضيت حياتي أحلم بأن أكون جزء من هذا العالم الساحر الذي اطلقت لنفسي فيه العنان لأرفرف بأجنحتي في سماء كل مجال، وأنقل للقارئ أفكار وأحداث من كل مكان على أرض المعمورة مع مراعاة أفكاره وعاداته وثقافته بطبيعة الحال، وفي مجال الترجمة الصحفية وجدت نفسي العاشقة للتغيير والمتوقة للإبداع والتميز.. من هنا سأعمل جاهدة على تلبية كل احتياجاتك ومساعدتك على تربية ابنائك وظهورك بالشكل الذي يليق بك ومتابعة الأخبار التي تهمك واتمنى أن أكون عند حسن ظنك.
زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!