تكثر العديد من الأساطير والخرافات حول ليلة اكتمال القمر، وتحكي كل منها قصة مختلفة، فمنها ما يتحدث عن عواء المستذئبين على القمر المكتمل.
ومنها ما يذكر معركة إيزيس وأزوريس في ليلة اكتمال القمر، وكذلك أسطورة سيلين أو القمر. ويصاحب هذه الأساطير التي بنيت على فرضية اكتمال القمر معتقدات ونظريات علمية زائفة.
تعالى معنا عزيزي اادادي، نعرف ما هي حكاية ليلة اكتمال القمر، ومن هم المستذئبين، ضمن السطور التالية:
السحر والكمال ليلة اكتمال القمر
ويرى الناس في اكتمال القمر سحرًا وجمالًا يطغى على ليالي الحب والسهر، ما أدى إلى إبداع الخيال البشري وإتاحة المجال للعديد من الأساطير والخرافات التي ترويها الحكايات الشعبية.
ماذا يحدث في ليلة اكتمال القمر
تعود بداية فكرة ما يحدث في ليلة اكتمال القمر في الكثير من روايات أدب الرعب وافلامه حصول أمور مريبة تبعث على الخوف. وعواء المستذئبين على القمر.
بحيث يتزامن حدوثها مع الليالي التي يكتمل فيها القمر ليصبح بدراً، كأن تخرج الوحوش من جحورها والأشباح من قبورها ويتحول فيها عدد من البشر إلى المستذئبين.
فما هو منشأ تلك الفكرة تاريخياً وهل للقمر فعلاً تأثير على سلوك البشر ؟ وما هو تحول البشر إلى المستذئبين، هذا ما سنحاول أن نعرفه.
اساطير ليلة اكتمال القمر
ما زال المنشأ الفعلي لهذه النظرية مبهماً من الناحية التاريخية، لأن القطع الأثرية التي تصور القمر لدى العديد من الثقافات ترجع إلى العصر الحجري القديم.
أي قبل كتابة التاريخ، لكن يمكنا القول أن هذا الإعتقاد دام لقرون عديدة حتى أن كلمة “لوناسي” والتي تعني “الجنون” مشتقة من اسم “لونا”.
وهو اسم” لآلهة القمر” الرومانية، ونجد أيضاً صلة مشابهة بين الجنون والقمر ، في لغات أخرى مثل لغة ويلش ولعل أكثر الأساطير شهرة ومبنية على تلك النظرية هي “أسطورة المستذئبين” .
أساطير ومعتقدات ليلة اكتمال القمر
وتدعي إحدى النظريات أن للقمر علاقة “بالخصوبة” وأن له علاقة بدورة “الطمث”، لدى الإنسان التي تبلغ مدتها في المتوسط 28 يوماً.
بينما تكون دورة أوجه القمر 28: 53 يوماً ومع ذلك فإن حوالي 30 في المئة فقط من النساء لديهن طول دورة حول المتوسط (28) بمقدار يومين.
ووفقاً لبعض التقاليد، وذلك قبل ظهور التقنيات الحديثة كان من المفترض عادة أن يمتنع الجراحون عن العمل، في ليلة إكتمال القمر نظراً لإعتقادهم بزيادة خطر الموت على المريض من خلال فقدان الدم .
بحوث ودراسات علمية
هناك الكثير من البحوث حول ليلة اكتمال القمر،
تعزز هذه النظرية بوجود صلة ما بين مراحل معينة من دوران القمر، حول الأرض والسلوك المنحرف لدى البشر.
و من الناحية النظرية هناك فقط بعض الدراسات التي تدعم إمكانية تأثير القمر ، على سبيل المثال خلصت الدراسة إلى أن مرضى الفصام الذهني تظهر عليهم علامات” الإضطراب” في هذا التوقيت.
من حيث نوعية الحياة والطبيعة الذهنية لدى الفرد، فخلال فترة اكتمال القمر درس الباحثون الارتباطات بين التغيرات الفسيولوجية مثل حالات النوبات لدى مرضى الصرع.
والأمور التي تنشأ عن الصرع في فترة اكتمال القمر فوجدت الدراسة التي أجريت في عام 2004، وجود علاقة ذات ” دلالة إحصائية ” بين تأثير القمر والدخول إلى المستشفيات لأسباب تتعلق بنزيف في المعدة أو الأمعاء خصوصاً بين الذكور.
وفيما يلي نذكر نتائج دراسات اختبرت التأثير القمري على البشر من نواحي عدة :
نوبات الصرع في ليلة اكتمال القمر
دراسات أخرى دحضت الإفتراضات القائمة على التأثير القمري. ففي الدراسة التي نشرت عن” السلوك الصرعي”، قدمت الباحثتين، سالي باكسندال و جنيفر فيشر من جامعة ومعهد لندن.
فرضية مفادها أنه لو كان لطور من أطوار القمر محاق، أو بدر أو هلال، تأثير على نوبات الصرع فأنه سيكون ناجماً عن دور القمر في الإنارة الليلية “شدة سطوعه”، على نحو أكبر من الحالة التي يكون فيها محاقاً حيث تتضاءل شدة الإضاءة إلى أدنى مستوى أو أنها تتلاشى.
ولكن إن غطت سحابة السماء القمر المكتمل، فإن الصلة بين طور القمر ونوبات الصرع، لن يكون لها تأثيراً واضحاً على تلك النوبات، أي أنه مرتبط بالسطوع بغض النظر عن طور القمر.
وكانت نتيجة التجربة سلبية، بخصوص الصلة بين معدل تكرار نوبات الصرع، وشدة إضاءة القمر المحسوبة نسبة لضوء الشمس في مجال يترواح بين 0.09 – إلى أقل من 0.05، وشملت عينة التجربة 1571 مريضاً بالصرع واستغرقت أكثر من 341 يوماً.
السلوك البشري
في عام 1996 قام النفساني، إيفان كيلي من جامعة ساسكاتشيوان، مع كلا من جيمس روتون و روجر كولفير، بتحليل 37 دراسة كانت قد بحثت في العلاقة بين أطوار القمر الأربعة.
وخلصت الدراسة إلى تأثير أطوار القمر بنسب متفاوتة على سلوك البشر مثل، وما يشار إليه بعواء المستذئبين على القمر بجانب ما يلي:
حوادث الإنتحار
فشلت دراسة شملت 4190 حالة انتحار في منطقة سكرامنتو من ولاية كاليفورنيا الأمريكية وعلى مدى 58 عاماً في تأكيد أي صلة مع أي طور القمر من أطوار القمر.
ففي عام 1992 وفي ورقة بحثية استعرض فيها مارتنز وكيلي وساكلوفسكي، 20 دراسة هدفت إلى معرفة العلاقة المتبادلة بين أوجه القمر وحوادث الإنتحار.
فوجدوا أن أغلبها لا تؤكد على تلك الصلة المزعومة وتلك الدراسات التي أثبتت وجود صلة لم تتفق نتائجها مع بعضها البعض.
جرائم القتل
أفاد الطبيب النفسي أرنولد ليبر من جامعة ميامي وجود صلة لجرائم القتل في بلدة دايد من مدينة ميامي، ولاية فلوريدا الأمريكية مع أوجه القمر.
ولكن في وقت لاحق من تحليل البيانات بما فيه التحليل الذي أجراه الفلكي جورج أبيل، لم يثبت ما توصل إليه لايبر من استنتاجات.
كما أشار كلاً من كيلي روتون و كولفر، أن لايبر استخدم الاستنتاجات لإجراءات إحصائية غير مناسبة ومضللة . حتى وعندما أجريت اختبارات أكثر دقة فإن ذلك لم يثبت أن لجرائم القتل صلة مع أوجه القمر.
معدل المواليد
قام الفلكي دانيال كتون، بتحليل 45 مليون من سجلات المواليد، حصل عليها من المركز الوطني للإحصاءات الصحية، ولم يعثر على أي ارتباط بين الزيادة في معدل المواليد ومرحلة اكتمال القمر.
وقد أفاد كلاً من كيلي و روتون وكلفر أن كتون فحص سجلات المواليد، ووجد إزدياداً ضئيلاً حول الربع الثالث من أطوار القمر ، بينما كان معدل المواليد، أقل بقليل من المعدل العام أثناء إكتمال القمر بدر، أو بدء قمر جديد هلال.
في عام 1957 حلل ريبمان عينة شملت عدد 9555 من سجلات المواليد في دانفيل من ولاية بنسلفانيا الامريكية ولم يجد أي صلة بين معدل المواليد وأوجه القمر كذلك.
في السياق ذاته، في عام 1959 أبلغ والتر وابراهام ميناكر، في دراسة شملت أكثر من 51 ألف مولود في مدينة نيويورك، عن زيادة قدرها 1 في المئة في معدل المواليد وذلك في الأسبوعين اللذين يليان إكتمال القمر .
وفي عام 1967 درس والتر ميناكر، عينة أخرى شملت 500 الف مولود في مدينة نيويورك، وخلصت النتائج إلى أن هناك زيادة بمقدار 1 في المائة في معدل المواليد الفترة التي تمتد لأسبوعين حول إكتمال القمر .
إضافة إلى ما حدث في عام 1973 فقد درس كلاً من سمرفيل وبورست واوسلي، عينة أخرى تضم 500 ألف مولود من مدينة نيويورك ووجدوا زيادة مقدارها 1 بالمئة قبل اكتمال القمر.
دخول المستشفيات والجرائم
لم تكشف دراسة دامت 15 شهراً في جاكسونفيل من ولاية فلوريدا الأمريكية، عن وجود أي تأثير للقمر على معدلات الجريمة، أو معدلات تسجيل دخول المستشفيات على وجه الخصوص.
ولم يكن هناك أي زيادة في معدلات الجريمة، في ليالي البدر وفقاً للتحاليل الإحصائية، التي قام بها قسم شرطة جاكسونفيل.
حيث حقق فقط 5 من أصل 15 بدراً نسبة أعلى من متوسط الجريمة، في حين كان للعشرة الباقية معدل أدنى من المعدل العام ، وكانت الأيام التي سجلت أعلى من المعدل في الأشهر الأكثر دفئاً .
التأثير القمري
إضافة إلى الموروث الشعبي والأساطير الحضرية وجدت الفكرة، التي تروج للتأثير القمري أيضا طريقها إلى الأخبار في وسائل الإعلام، حيث انتشرت مزاعم تشير إلى أن القمر أثر على سلوك الناخبين في انتخابات الرئاسة الأمريكية في عام 2000.
وادعت الشرطة في مدينة توليدو في ولاية أوهايو الأمريكية، حدوث زيادة في معدل الجريمة بمقدار 5 في المئة خلال الليالي المقمرة (عندما يكون القمر بدراً).
في حين أن الشرطة في ولاية كنتاكي عزت الإرتفاع المؤقت في الجريمة إلى إكتمال القمر، واستند إدعاؤهم هذا إلى حدوث مطاردات لـ 3 سيارات ملغومة في غضون فترة 4 ساعات فقط.
في يونيو من عام 2007 أعلن كبار ضباط الشرطة في برايتون، أنهم كانوا يخططون لنشر مزيد من الضباط خلال فترة الصيف، لمواجهة المشاكل التي يعتقدون بأن لها صلة بدورة القمر.
وفي يناير من عام 2008 اقترح (أنيت كينج ) وهو وزير العدل في نيوزيلندا أن موجة حوادث الطعن في البلاد ناجمة عن دورة القمر.
وهكذا نخلص مما سبق أن أساطير وعواء المستذئبين على القمر، وزيادة معدل الجريمة والأمراض وخروج الجثث من قبورها، ما هي إلا أساطير لا يوجد عليها أدلة معتمدة وستظل أساطير في النهاية.