غواص في بحر الحضارة المصرية القديمة.. الحلقة السابعة
كتبت: مروة مصطفى
نستكمل معك عزيزي القارئ الطريق الذي بدأناه سويًا، لنتعمق في أصول حضارتنا الفريدة، ونتعرف عن قرب على تفاصيلها وعظمتها، فهلم بنا نستكمل حلقات غواص في بحر الحضارة المصرية القديمة.
منذ بزوغ فجر البشرية، وطأت قدم المصري القديم، أرض الكنانة ليعمرها بعقل ذكي وقلب حر، وراح يكتب سطور التاريخ بحروف من ماس على ضفاف نهر النيل الخالد.
وعزف أنشودة الخلود على أوتار الصمود والتحدي على مر العصور، وها نحن نستمع لألحان هذه الأنشودة حتى يومنا هذا، بعد أكثر من 7 الأف سنة.
تحدثنا معكم في الحلقة السادسة، عن البداية وتناولنا نبذة مختصرة عن الملك مينا أو نعرمر، واليوم نستكمل الحديث عن هذا الملك العظيم في السطور التالية من غواص في بحر الحضارة المصرية القديمة.
الملك مينا أول ملوك الأسرة الأولى
تميزت الأسرة الأولى التي بدأت في منف بعد ثينيس أو تجينو باللغة المصرية القديمة، وهي عاصمة السلالات الأولى لمصر القديمة، ولم يتم اكتشاف ثينيس حتى الآن.
لكنها موثقة بشكل جيد من قبل الكتاب القدماء، بما في ذلك المؤرخ الكلاسيكي مانيثو، الذي يستشهد به كمركز للكونفدرالية، وهو كونفدرالي قبلي.
وتميزت الأسرة الأولى بإنجازات ثقافية هامة، حيث دعم ملوكها حقهم بالعرش بالمصاهرة (النسب)، وبتأسيس أو تعزيز الأنماط السابقة من التقاليد الحكومية والدينية.
تأسيس الدولة
أول من عرف تأسيس الدولة هم المصريين القدماء، بداية من الأسرة الأولى، التي عرفت القياسات الخطية، والكتابة على أوراق البردي واخترعوا الكتابة والتقويم.
كما برعوا في علم الفلك والرياضيات، ومارسوا التعداد السكاني وتقدير الضرائب، وإعادة ترسيم الحدود بعد فيضان النيل السنوي، وتطوير أدوات فلكية جديدة، ما نقل مصر إلى أفاق جديدة.
الحكومة المركزية
وحد الملك مينا 3200 قبل الميلاد مصر العليا والسفلى، وأقام الحكومة المركزية في ثينيس ويقال أنها مسقط رأس الملك مينا.
على الرغم من أن له جذور أيضًا من مدينة (نخِن)، ثم انتقل بعد ذلك إلى أبيدوس ثم منف.
زوجة الملك مينا
تزوج من الأميرة (نيت-حتب) من نقادة لترسيخ حكمه والتحالف مع بيت نقادة الحاكم. وفي عصره تطورت الممارسات الدينية وبدأت مشاريع معمارية كبرى.
وقاد الملك مينا حملات عسكرية؛ لإخماد التمردات في الوجه البحري، ولتوسيع الأراضي المصرية في النوبة وكنعان، ويحتمل أن بعد وفاته أخضعت الملكة (نبت-حتب) البلاد لحكمها.
وعليه، فقد تكون هي أول امرأة حكمت مصر ومن أولى الملكات في التاريخ، الذين يرجع تاريخهم إلى عصور ما قبل التاريخ مثل الأسرة الأشورية (شامو-رامات).
وواصل الملوك الذي خلفوا الملك مينا سياساته، وكان أعظم هؤلاء الملوك الملك (دن) 2990 قبل الميلاد، وهو أول ملك يصور مرتديًا التاج المزدوج في إشارة لهيمنته على مصر بأكمله.
دن أو حور دن، هو اسم حورس لفرعون من الأسرة المصرية الأولى. وهو أكثر الفراعنة القدامى آثارًا. حكم خلال هذه الفترة. وصاحب عهد دن ازدهارًا كبيرًا لمملكته.
فالعديد من الابتكارات تنسب إلى عهده، إضافة إلى أنه كان أول من استخدم لقب ملك مصر السفلى ومصر العليا، وهو اللقب الذي يعرف باسم التتويج.
إنجازات الملك دن
له العديد من الإنجازات من أهمها أنه أعاق قطاع الطرق الذين كانوا يغيرون على سكان الدلتا الغربية. وهو أول ملك فكّر في تنظيم مياه النيل وفيضانه في منطقة الفيوم.
وكان أول من حبس الأوقاف على المعابد. ودفن في العرابة المدفونة في مقبرة كسيت أرضيتها بقطع من الجرانيت.
أسس بعض الطقوس وأول من نادى باتخاذ لقب التتويج «نيسوت – بيتي»، وبقي من بعده هذا اللقب إلى عصر الحكم الروماني. كما يرجع إليه لقب اسم نبتي وهذا اللقب يعني ملك الوجه القبلي والبحري.
وصوّر في حجر باليرمو مرتديا التاج الأبيض، رمز الوجه القبلي ثم مرتديا التاج الأحمر رمز الوجه البحري. وقد كشف في سقارة عن مقبرة لوزيره حماكا بها أقراص من الحجر والنحاس والخشب والعاج، ومحلاة بمناظر بديعة وبعضها مطعم بقطع من المرمر .
والدته الملكة (ميرت-نيث) وهي ملكة مصرية قد تكون أول ملكة تحكم في تاريخ العالم، إذ حكمت مصر وهي من الأسرة المصرية الأولى، واختلفت الآراء في ما إذا كانت هي التي قد حكمت البلاد أو أنها كانت زوجة الملك جت وحسب.
يعتبرها علماء الآثار مفتاحا لحكم الفراعنة لمصر في عصر الأسرات، وتشير بعض المخطوطات بأنها ربما حكمت البلاد بمفردها خلال فترة من الزمان.
شنت حملات عسكرية ضد النوبة وليبيا وسيناء خلال حكم الأسرة الأولى، ما أدى إلى زيادة الثروات وتوسع الأراضي المصرية، وتمت السيطرة على الأراضي الحدودية.
نكتفي بهذا القدر من هذه الحلقة، على وعد بلقاء قريب في حلقات قادمة. من غواص في بحر الحضارة المصرية القديمة.