خانها البشر فعاشت مع الأفاعي.. قصة شاهميران الأنثى الأفعى الكردية
تعرف على أسطورة شاهميران الكردية
لكل حضارة ما يميزها من القصص والأساطير الخالدة، والتي تظل شاهدة على كل العصور، وتبقى حاضرة بقوة في مخيلة الأجيال ويتناقلون سردها عبر السنين. اليوم نذهب للحضارة الكردية ونحكي عن واحدة من أغرب الأساطير وهي شاهميران، ملكة الأفاعي جميلة الجميلات. ما القصة؟
تعد ملكة الأفاعي ”شاهميران Şhahmaran” من الميثولوجيا الكردية، وهي ما زالت تزين جدران معظم منازل الكُرد على شكل لوحة قماشية تحتل صدارتها وتمنحها الهيبة والوقار، منسوجة بإبداع وجماليّة، منقِشَوة عليها جمال أنثى كُردية بجسد أفعى، إنها جميلة الجميلات ضحية الخيانة والتي هربت من خيانة البشر وعاشت مع الأفاعي، وأصبحت ملكة الأفاعي الكردية “شاهميران Şhahmaran”.
قصة شاهميران: الأنثى الأفعى
هي فتاة من عائلة حاكمة وغنية تعيش في كنف جدتها، وكانت تتمتع بالجمال الساحر والجاذبية الأخاذة التي تأسر القلوب عند النظر إليها، لديها قلب نقي تساعد المحتاج وتغيث المظلوم، تنال إعجاب الجميع ويعشقها أبناء قريتها.
تقدم ابن عمها لخطبتها بعد ما لفتت نظره بجمالها وجاذبيتها، لكنها رفضته بسبب ظلمه وأخلاقه السيئة، وهناك سبب أخر وهو تعلق قلبها بشاب فقير أحبته كثيرا. أثار رفض شاهميران الزواج من هذا الظالم حنقه وسخطه، فهدد بقتل هذا الشاب حبيب بطلة قصتنا ولكنها لم تلقي بالا لهذه التهديدات.
لكنه نفذ ما هدد به وأتى بالشاب وقتله أمام أعين الفتاة وأهل القرية جميعا، ولم يكتف بذلك بل روج لشائعة مفادها سبب رفض شاهميران الزواج منه هو كونها غير عذراء وأنه رأها بعينه مع الشاب في وضع مخل بالشرف، ودعا أهل القرية بقتل شاهمران دفاعا عن الشرف.
بالفعل قرر أهل القرية قتل شاهميران التي طعِنت من قِبل أهل قريتها بالخيانة، فهاجرتهم وهربت من ظلمهم، لتختار العيش تحت الأرض بعيداً عن شرور البشر مع جماعة من الأفاعي التي تسمى maran في مغارات تقبع تحت طبقات الأرض السبع.
العيش مع الأفاعي
هربت شاهميران خوفا من بطش أهل القرية وبسبب الظلام والخوف، وقعت في بئر عميق، جعل من يلاحقونها يتأكدون من أنها لقت حتفها بعد وقوعها وعادوا إلى ديارهم مطمئنين.
استكمالا للأسطورة، فاقت شاهميران من غيبوتها ينهش الجوع احشائها تعاني من الألم بسبب كسر قدميها، ظلت تزحف على بطنها علها تجد الماء أو سبيل للخروج من هذه العتمة وهذا البئر العميق. تفاجئت شاهميران بحفرة داخل البئر ودخلتها، ولكنها وجدت ما لم يخطر يوما على بالها.
وجدت نهرا يجري وبساتين ومجوهرات تتلألأ على الجانبين، ثم ظهرت لها أفعى ضخمة فزعت منها شاهميران في البداية، لكن الأفعى طمأنتها وطلبت منها الشرب من النهر العذب ووضع قدميها المكسورة في ماء النهر للتداوي من الألم. بالفعل امتثلت الفتاة لأمر الافعى، وبمجرد وضع قدميها في الماء اختفى الألم وتحول النصف السفلي من جسم شاهميران إلى أفعى وبقيت بالجزء العلوي كما هو.
وعاشت شاهميران مع جماعة من الأفاعي وأصبحت الحاكمة لهم، واتخذت لقب ماران من اسم جماعة الأفاعي، ولم بتغير قلبها المحب للخير والعطاء، وظلت تذهب لبيوت الفقراء تمنحهم الاموال وتمدهم بالذهب والدواء ولا يعلمون مصدر هذه المعونات.
من البئر إلى العسل!
تقول الأسطورة أن شابا اسمه جان ساب ينتمي لعائلة فقيرة، كان يجني قوت يومه ببيع الحطب مع مجموعة من رفاقه، وفي أحد الأيام وجدوا بئراً مليئاً بالعسل، و شرعوا باستخراجه والانتفاع به، وبالقرعة وقع الاختيار على جان ساب Canşap هو الذي ينزل البئر لاستخراج العسل، وحين نفذ العسل من البئر، خانوه أصدقاؤه الجشعون وتخلوا عنه وتركوه في غياهب البئر.
في قاع البئر ووسط الظلام ووحشته، بدأ يتلمس Canşap جدران البئر، يحاول جاهداً الخروج من البئر لكن دون جدوى، وفجأة يجد Canşap فتحة، ويأخذ بتوسيعها بسكين كان يحمله في جيبه، و بعد جهد طويل يتمكن من الانتقال إلى فسحة أوسع، ويقع مغشيّاً عليه من التعب.
يستيقظ على فحيح الأفاعي فيجد نفسه محاطا بها، تأتي إليه شاهميران ويتبادلان الأحاديث، ويقص كل منهما حكاية الخيانة التي تعرض لها، و بعد أن ينهيان حديثهما تخبره بأنها ستخرجه من البئر بشرط أن يكتم سر مخبئها طوال حياته، فيقطع الشاب عهداً على نفسه بذلك، فتقوم بتزويده بكمية كافية من الأموال وتخرجه من البئر.
يعود الشاب أدراجه إلى قريته، ويعيش حياته الطببعية. تمر السنون، يُصاب ملك البلاد بمرض عُضال، يفشل الأطباء في إيجاد الدواء الشافي لمرضه. يسمع الشاب لاحقاً بأن أحد الأطباء قد شخص مرضه وحدد الدواء المناسب له، وهو أكل لحم ملكة الأفاعي شاهميران كي يتماثل للشفاء، لكنه بقي صامتا كاتمًا للسر حفاظا على عهده.
الخيانة طبع أصيل في البشر
وكي يستدلوا على السبيل إلى مخبئها، صاروا يبحثون عن الذي التقى بها، بدلالة أن الشخص الذي يلتقى بملكة الأفاعي يظهر على جسده بقعا سوداء، فبدأ حُراس ملك البلاد في فحص أجساد قاطني البلاد، حتى تمكنوا من مشاهدة البقع السوداء على جسد جان ساب الذي وافق أخيراً ومجبراً بعد التهديد والتعذيب والترغيب بالإفصاح عن مكان تواجدها.
توجه جان ساب برفقة الحُراس نحو البئر، وعندما وصلوا إلى هناك، كانت ملكة الأفاعي شاه ماران بانتظاره، وقالت: كنت اعلم بقدومك يا جان ساب، وكنت أدرك بأنك ستفشي سر مكاني، لكن رغم ذلك قدمت لك المساعدة في الخروج من البئر، نعم، يا جان ساب إنها الخيانة.. ها قد تكررت من جديد، ومن المؤسف إنها لن تنتهي على وجه هذه البسيطة..!!
فانقض رجال الوزير عليها وقاموا بقتلها، وأخذوا لحمها إلى الحاكم، وشفي الحاكم فور تناوله اللحم. لا زالت الأفاعي تنتظر عودة شاه ماران وتجهل مقتلها وتظنها لا تزال على قيد الحياة.