اسلوب حياتيصحتي

بعد الخروج من العلاقة السامة.. ما هو إضطراب ما بعد الصدمة؟

عواقب العلاقات السامة

يمر الشخص بتجارب قاسية ويدخل في علاقة سامة يظل يعاني من تبعاتها فترة طويلة من حياته، ويدفع الثمن غاليا من اعصابه وقلبه وراحة باله، ويعاني خلال العلاقة وبعدها يعاني من حالة مرضية تسمى إضطراب ما بعد الصدمة.

تحدثنا في مقالة سابقة عن التعلق المرضي المسمي بال Truma Bonding وعن دورة الأذي وعلامات إدمان هذه العلاقة. ولكن في حالة الإدراك والوعي بأن هذه العلاقة مدمرة قد ينجح البعض في إنهاء هذه العلاقة المؤذية و السامة والنجاة من براثن الدوران داخل دورة الأذى.

ولكن قد يتفاجأ الشخص الناجي من هذه العلاقة أن التعافي ليس بالأمر السهل وأن لهذه العلاقة اثار سلبية عنيفة على الصحة النفسية والعقلية؛  وهو ما يسمى إضطراب ما بعد الصدمة PTSD و هو نفس الإضطراب الذي يصيب ضحايا الحروب والحرائق والحوادث والتعرض للاغتصاب.

في السطور التالية سوف نتحدث عن عواقب العلاقات السامة وتأثيراتها المدمرة حتي بعد إنهاء العلاقة. وكيف تتعافى من أثار إضطراب ما بعد الصدمة.

إضطراب ما بعد الصدمة PDST

إن العلاقات التي تنطوي على الإساءة الجسدية أو اللفظية، تصنف بالتأكيد على أنها سامة، ولكن هناك علامات أخرى أكثر دقة للعلاقة السامة وهي كالتالي:

• الشعور بالضعف والإستنزاف وزعزعة الثقة بالنفس.
• الشعور المستمر بعدم الاحترام، وعدم تلبية احتياجات الشخص.
• الشعور بحالة التأهب لأي هجوم مفاجئ.
• الشعور بالاكتئاب أو الغضب أو التعب بعد التواجد مع الشخص السام.
• بذل جهد كبير في محاولة إرضاء وإسعاد الطرف الآخر.
• تغذية المشاعر السلبية مثل القسوة والحقد والكراهية والألم.

أثار إضطراب ما بعد الصدمة

تترك العلاقة السامة فينا جرحا ليس من السهل التداوي منه أو التعافي منه ببساطة، فحكمنا على الأمور وتقديرنا لها ولأنفسنا وثقتنا قد اهتزت وانتهى الأمر. يظهر ذلك في قسوتنا على أنفسنا والشعور بالألم والغضب والامتهان أو الخيانة. لذا، فإن الانفصال عن علاقة عاطفية سامة أصعب من العادية.

لأن الكثير من الناجين من هذه العلاقة قد يصابون بإضطراب ما بعد الصدمة مثلهم مثل الذين تعرضوا للحروب و الويلات. ربما لأنه قد نمت لديهم سلوكيات سامة بطيئة الوتيرة، ونحتاج إلى مقدار من الوقت لاستبدالها بأخرى صحية.

إضطراب ما بعد الصدمة PTSD

خطوات التعافي من إضطراب ما بعد الصدمة

يمكن اتباع خطوات لتحسين صحتك النفسية والتخلص من إضطراب ما بعد الصدمة بعد الخروج من العلاقة السامة (توكسيك) من خلال ما يأتي:

  • يكمن الشفاء في ألا تبقى وحيدا وتنعزل عن العالم، ويجب أن تتوجه لطبيب أو أخصائي نفسي للتعبير عن نفسك وعن مشاعرك وخبراتك كي تعاود بناء شخصيتك منذ البداية التي تدمرت في هذه العلاقة.
  • يجب أن تحيط نفسك بأشخاص داعمين ويهتمون في رفاهيتك.
  • لا يمكن معرفة المدة التي تستغرقها فترة الشفاء؛ لأن ذلك يختلف من شخص لآخر وتحتاج إلى صبر، ويجب أن يكون هناك أخصائي يرافقك بالإضافة لدعم الأشخاص القريبين منك.
  • الخروج من العلاقات السامة ليس أمرًا سهلًا أبدًا، لأن معظم الناجين معروضون للإصابة بإضطراب ما بعد الصدمة خصوصًا فكرة التعافي على الجانب النفسي، فبعد العلاقات السامة المدمرة يكون شعورك أقرب لأنك تستحق ما حدث، وتنظر لنفسك بشكل فيه شيء من الدونية، وتبدأ في التقليل من ذاتك حتى لو لم تنتبه ثم يصبح الأمر أكثر صعوبة مع الوقت وتجد أن حياتك كلها تأثرت بشكل سلبي.
    لكن كل هذا الدمار المصاحب لانتهاء العلاقات السامة أيًا كان نوعها، لا يجب أن يبعد نظرك عن فكرة أنك حققت الجزء الأصعب وقطعت نصف الطريق بقرار إنهاء العلاقة، وأنك كنت شخصًا قويًا بما فيه الكفاية، للإفلات من بين مخالب العلاقة المستنزفة، وكل ما عليك الآن هو الاهتمام بنفسك وترتيب حياتك وعقلك وصحتك النفسية، وستساعدك هذه الطرق في استعادة حياتك مرة أخرى.

خطوات لتحسين صحتك النفسية بعد الخروج من علاقة سامة

اعترف بما حدث وتقبله

هذا مهم جدًا، عندما تكون خارجًا للتو من علاقة سامة، فغالبًا ما ستهلك نفسك في التفكير وأحيانًا الإنكار، وتبدأ في التساؤل هل كان الطرف الآخر حقًا بهذا السوء أم أنني كنت المتسبب في كل شيء؟. هذه الأفكار طبيعية ولكن ذلك لا يعني أنها صحيحة.

واجه الأمر، قل لنفسك إنك كنت في علاقة مؤذية وسامة، وتقبل هذه الحقيقة، لأن إنكار الفكرة سيؤدي إلى إبطاء عملية التعافي من إضطراب ما بعد الصدمة.

اقطع كل وسائل الاتصال الممكنة بهذا الشخص

إذا قررت وقف تلك العلاقة السامة، فيجب ألا تتردد في الأمر أبدًا ولا تضع نفسك في منطقة رمادية، لذلك ابتعد عن كل الوسائل التي تقربك من الطرف الآخر، احظر حساباته على المواقع الاجتماعية وكذلك رقم هاتفه. هذه هي ثاني أهم خطوة حتى تمضي قدمًا في طريقك وتركز على مشاعرك وأفكارك وليس مشاعرهم.

لكن إذا كانت هذه العلاقة المؤذية تطلب التواجد بشكل ما مثل أن يكون هناك علاقة مهنية أو هناك أطفال بين الطرفين فاحتفظ بمسافة كبيرة نسبيا، وكن متاحا في حدود المطلوب في العمل مثلا لكن خارجه، تصرف وكأنك لا تعرف الشخص مطلقًا.

لا تخوض التجربة وحدك

حاوط نفسك بأشخاص تحبهم من الأصدقاء والعائلة ولا تنطوي أبدًا في هذه الفترة. نعم سيكون الأمر مرهقًا لكن وجودهم حولك سيساعدك على التخطي والتنفيس ومن ثم التعافي الكامل. وفي نفس الوقت لا تراقب نفسك بشدة واسمح لها بالتعبير من خلال البكاء أو الشكوى ولا تخف من إخراجها.

جعل صحتك أولوية

هذا هو الوقت المناسب لتتحلى ببعض الأنانية المفيدة، وبصراحة لا يوجد ما يعيب في ذلك فأنت خارج للتو من تجربة صادمة وتحتاج التركيز على نفسك وحياتك.. ابدأ في ممارسة الرياضة وتناول الطعام الصحي لأن ذلك ينعكس على صحتك النفسية بشكل إيجابي. ساعد نفسك للتعافي من إضطراب ما بعد الصدمة.

واعلم أن الإجهاد العاطفي المزمن قد يؤدي إلى مشاكل طويلة المدى في الصحة النفسية، لذلك من الضروري أن تركز على صحتك النفسية والبدنية عاجلاً وليس آجلاً.

ابتعد عن فكرة الضحية وتعامل كناجي

عندما تنهي علاقة سامة، قد تعتبر نفسك ضحية وتأسف لنفسك، لكن انتبه من هذه المشعر لأنها قد تكون سببًا في إبقائك عالقًا ولا تسمح لك بالتقدم، فالبقاء في عقلية الضحية يمكن أن يمنعك من إيجاد علاقات رومانسية صحية في المستقبل أو يعيق ثقتك في نفسك.

لذلك أنت في حاجة إلى الانتقال من عقلية الضحية إلى جانب الناجين. وهذا يعني أن ترى نفسك كشخص قوي قادر على الوصول إلى أي شيء، وأن تجربة فاشلة لا تعاني أنك فاشل، فأول الخطوات للشفاء من إضطراب ما بعد الصدمة هو الاعتراف بوجود المشكلة.

ركز على اهتمامتك

اسأل نفسك ماذا كنت تحب أن تفعل قبل أن تدخل في العلاقة؟ وابدأ في عمله. تكمن الفكرة أنه عندما تكون في علاقة سامة، فمن السهل أن تفقد نفسك، ويمكن أن تنسى ما تحب وما لا تحب لأن كل انتباهك يكون على العلاقة التي تستهلكك.

وبعد قرار الانفصال يكون هذا هو الوقت المناسب لبدء ملء “المساحة الفارغة” والعثور على شغفك مرة أخرى، واستثمار وقتك في توطيد صداقتك مع نفسك بشكل صحي من خلال تجربة الأنشطة التي تحبها.

ركز على “الآن”

لا تنظر إلى الوراء، إنه يصرف انتباهك عن اللحظة الحالية، من أفضل الطرق التي يمكنك من خلالها التركيز في الحاضر، أن تذكر نفسك أنه لا يمكنك تغيير الأشخاص أو الماضي. لقد حدث ما حدث وحان الوقت للمضي قدمًا.

سامح نفسك

توقف عن الشعور بالغضب من نفسك. اعلم أن الأمر قد يكون صعبًا للغاية، لكنك لست بحاجة إلى أن تعيش بقية حياتك تجلد نفسك على شيء لم تقصده. لقد مر عدد كبير من الناس بعلاقات سامة، مثلك تمامًا، وتعلموا مسامحة أنفسهم والعودة أقوى من أي وقت مضى. كن صبورًا مع نفسك.

اضطراب ما بعد الصدمة PTSD

فكر ما الذي تريده من العلاقة

بعد المرور بالمراحل السابقة، تبدأ طاقتك في العودة تدريجيا وتصبح لديك رغبة أكبر في التواجد في علاقة مرة أخرى، هذا هو الوقت المناسب لتحدد قيمك وتسأل نفسك كيف تريد أن تشعر عندما تكون مع شخص ما، وما الذي ترغب في الابتعاد تمامًا عنه.

تواصل مع طبيب متخصص

ابحث عن طبيب أو أخصائي نفسي يمكنه مساعدتك في التقدم بعد انتهاء العلاقة السامة، هؤلاء المتخصصين لن يتمكنوا من مساعدتك على استعادة ثقتك بنفسك مرة أخرى فحسب، بل يمكنهم أيضًا إرشادك إلى ما يمكنك تعلمه من هذه العلاقة وتجنب تكرارها.

زر الذهاب إلى الأعلى