ما هي ظاهرة التشاؤم ولماذا يتشاءم الناس من رقم 13؟
كتبت: رشا سامي
لم تكن ظاهرة التشاؤم في حياة الإنسان، إلا نتيجة لتفاعل عوامل حضارية واجتماعية أحاطت بالفرد، فأثرت في ثقافته وفهمه وتركيبه النفسي والفكري.
وعملت في نهاية المطاف على تشكيل شخصيته، وصنع سلوكه وعلاقته مع نفسه ومع العالم والمجتمع المحيط به.
فهناك من يتشاءم حين يرى قطة سوداء، أو طائر الغراب أو البومة، ويخشى القيام بأي عمل خوفًا من حدوث مكروه له، بل وصل الأمر إلى التشاؤم من الأرقام أيضًا.
حيث إن الرقم 13 أصبح شؤمًا لكثير من الناس حول العالم.
التشاؤم عند المصريين القدماء
إن التشاؤم كان موجودًا في عصر المصريين القدماء، حيث كانوا يتشاءمون من قتل القطط، كما أن العرب أيضًا كانوا يتشاءمون من الغربان والبوم.
الرقم 13
ترجع أسباب التشاؤم من الرقم 13، إلى توارث الأجيال هذا التشاؤم دون أن يصيبهم مكروه يؤدي للتشاؤم من هذا الرقم، بل هو تشاؤم يتوارث من جيل إلى جيل حتى يصبح ظاهرة خطيرة لا أساس لها.
ويعتبر الكثيرون في أوروبا وأمريكا الرقم 13 رقمًا مشؤومًا، ولذا لا يرغب بعضهم أن يرتبط هذا الرقم بأي شيء يخصهم، فهم يتجنبون أن يكون رقم منزلهم 13.
أو رقم غرفتهم 13 في الفندق، أو المكان الذي يسكنون فيه، ولا يرغبون في تناول الطعام على مائدة عليها ثلاثة عشر شخصًا.
ما هو مصدر التشاؤم من رقم ١٣؟
الخوف من الرقم 13 (باللاتينية ديكتروفوبيا وأصلها من الإغريقية: τρεισκαιδέκα ) هو خوف غير عقلاني من الرقم 13، وتعتبر خرافة انبثقت من الخوف من الجمعة الثالث عشر .
ومصدر التشاؤم من الرقم 13 يرجع إلى السريان، (وهم سليلة حضارة سوريا والشام وبلاد ما بين النهرين)، فقد كانوا في بداية المسيحية يستعملون القوى العددية للأرقام.
وبما أن يوم الأحد هو يوم الراحة الأسبوعية، فلا يجوز العمل فيه، بل يُكرَّس للعبادة، فكان السريان يعتقدون أن مَن يعمل يوم الأحد سيصيبه الشؤم والحزن ولن يُوفَّق في عمله في هذا اليوم.
لأن غضب الله سيحلّ عليه، والقوة العددية ليوم الأحد هي 13، حيث إن الألف رقم واحد والحاء رقم 8 والدال رقم 4، (وفقًا لترتيب الحروف باللغة الإنجليزية)، وبذلك يكون مجموع القوى العددية ليوم الأحد 13.
ويقال إن روما القديمة كانت تجتمع فيها الساحرات، في مجموعات تضم 12، أمّا الرقم 13 فهو الشيطان والإسكندنافيون القدماء كانوا يعقدون حبل المشنقة 13 عقدة.
ما هو سر يوم الجمعة ١٣؟
وفي القرن التاسع عشر، كانت شركة لويدز للتأمين البحري في لندن، ترفض تأمين أي سفينة تبحر يوم الجمعة الذي يوافق 13 من أي شهر.
والخوف من مصادفة تاريخ 13 يوم جمعة ليس اعتياديًّا، بل هو مرض اسمه «باراسكافيدكاتريافوبيا» ويعانيه في الولايات المتحدة وحدها 21 مليون شخص.
ويقوم علماء النفس بمعالجته، فيقول الطبيب دونالد دوسي: “إن العوارض التي تصيب 21 مليون أمريكيًّا في مثل هذا اليوم تتراوح بين التوتر الخفيف والاضطراب والإحساس القوي بالتشاؤم والذّعر.
“والبعض لا يترك سريره أو يغادر منزله، في حين يقوم آخرون بكل أنواع الطقوس؛ لصد تأثيرات هذا اليوم، وكثيرًا ما تظهر العوارض قبل أسبوعين من الموعد، وتزداد سوءًا مع اقترابه وتختفي بمجرد انقضائه.
ومن أمثلة المشاهير الذين سيطرت عليهم خرافة «الجمعة 13»، القائد الفرنسي الكبير، نابليون بونابرت، الذي رسخ قواعد الدولة الفرنسية بعد الثورة الفرنسية،
وبنى إمبراطورتيها وغزا الشرق، فكان هذا البطل المغوار يصيبه الفزع من رهاب الرقم 13.
قصص غريبة ومأساوية
ومن القصص الغريبة والمأساوية التي حدثت في التاريخ، وأدت إلى تأصيل التشاؤم من الرقم 13.
قصّة تقول: «إن البحرية البريطانية أرادت ذات مرة في القرن الـ18، أن تمحو رهاب الثالث عشر (الجمعة 13) من نفسيات وعقول الشعب البريطاني.
فأطلقت رحلة بحرية في هذه الليلة تحديدًا، وسميت الرحلة برحلة (الجمعة 13)، حتى إنهم اختاروا بحّارًا يسمى جيمس فرايداي للإبحار بها.
وكانت المفاجأة الكبرى والفجيعة غير المتوقعة أن اختفت السفينة في ظروف غامضة».
أحداث واقعية
وهناك أحداث واقعية تشترك في تاريخ «الجمعة 13»، وربّما زادت في غموض هذه الخرافة، التي سيطرت على عقول قادة ومشاهير غربيين.
منها تحطم طائرة «الإنديز» الرحلة 571 لسلاح الجو «الأوروجوياني»، في الجمعة، الثالث عشر من أكتوبر 1972.
وإعصار «تشارلي» الذي بلغ اليابسة في جنوب فلوريدا في الجمعة الثالث عشر من أغسطس 2004.
كذلك الإعصار الذي ضرب «بوفالو»، بنيويورك، في الجمعة، الثالث عشر من أكتوبر 2006،
و ختاما نقول كما قال من قبل الدكتور ( مارتين لوثركينج ) تعليقا علي التشاؤم من رقم ١٣ : «إنّ أكبر حاجات الإنسان أن يجعل نفسه فوق مستنقع الدّعايات الكاذبة.
فالأشخاص المصابون بالأمراض والضّعف النّفسي، يستسلمون بسرعة للخرافات، ويظلّون في حالة قلق وخوف دائم.