متون الاهرامات.. شعائر جنائزية أم نصوص دينية؟
متون الاهرامات تعود إلى الاسرة الخامسة ويقال أنها تعود إلى أقدم من ذلك بكثير، وقد فسرها البعض على أنها شعائر جنائزية ولكن هذه ليست الحقيقة.
يعتقد البعض أن متون الاهرامات هي رحلة الروح للسماوات السبع، ولكنها في الحقيقة تصف العالم السفلي والطبقات السبع للأرضين، كما أنها تشرح الأكواد المطلوبة لكيفية تشغيل الطاقة القصوى للهرم، وهي محل بحث دؤوب بين الباحثين حول العالم، كذلك كيفية فتح ما يسمى بالبوابات النجمية والبوابات البعدية.
متون الاهرامات
بحسب التعريف الشائع هي مجموعة من النصوص الدينية المصرية القديمة وتعد أقدم النصوص الدينية في العالم. نحتت باللغة المصرية القديمة على جدران الأهرام والتوابيت الحجرية في اهرامات سقارة، ويرجع تاريخها إلى 2400-2300 ق.م. خلافا لنصوص التوابيت وكتاب الموتى، استخدمت هذه النصوص للملوك فقط.
بعد حجر باليرمو، والتي تعد نصوص الهرم ثاني أقدم النصوص التي تذكر أوزوريس، الذي أصبح أهم آلهة الحياة الآخرة في الديانة المصرية القديمة، الهدف من نصوص الأهرام هو حماية جسد الفرعون، وإحياء جسده بعد الموت ومساعدته على الوصول إلى الجنة في حياته الآخرة. كما تستخدم أيضًا لطلب مساعدة الآلهة.
ما المقصود ب متون الأهرامات؟
يقول عالم المصريات الكبير زاهي حواس: “أؤكد بعد سنوات طويلة من العمل في الاكتشافات الأثرية، دخلت خلالها إلى مقابر لم تطأها قدم إنسان منذ أن دفن أصحابها.. أن المصريين القدماء قد احتاطوا لرحلتهم الأبدية بأنواع مختلفة من السحر، فكثيرا ما نرى على جدران المقابر نصوصا لا تعطي معنى مفيدا ولكنها بلا شك نصوص سحرية وضعت لهدف معين هو حماية المقبرة وصاحبها.
وأضاف: “قد تكون هذه الكلمات السحرية قد فقدت طاقتها السحرية بعد أن اندثرت اللغة والكتابة المصرية القديمة، وقد تكون هذه النصوص أيضا لا تزال محتفظة بقدرتها السحرية الكامنة بداخلها! من هذه النصوص ما يعرف بـ«متون الأهرام»، وهي تراتيل وتعاويذ دينية وسحرية سجلت على جدران حجرات الدفن الموجودة أسفل أهرامات الملوك والملكات منذ عهد الأسرة الخامسة الفرعونية، وتحديدا منذ عصر الملك «ونيس»، أي منذ نحو 4200 عام.
وتابع: “في اعتقادي أن الطريق ما زال طويلا لمعرفة ألغاز متون الأهرامات وحلها على الرغم من اكتشافها منذ أكثر من قرن من الزمان. وبهذه المتون طلاسم كان على الملك حفظها وتلاوتها ليمر عبر بوابات العالم الآخر وينجو بنفسه من الثعابين المتربصة له وكل المخلوقات المفترسة التي تعترض طريقه إلى العالم الآخر.
ما أهمية نصوص الأهرامات؟
نخلص من تعريف الدكتور زاهي حواس لـ متون الاهرامات بأنها تهدف إلى حماية جسد الفرعون، وإحياء جسده بعد الموت ومساعدته على الوصول إلى الجنة في حياته الآخرة. كما تستخدم أيضًا لطلب مساعدة الآلهة. نصوص الأهرام الموجودة داخل هرم تيتي بسقارة.
بحسب كتاب متون الأهرام للمترجم شريف الصيفي، هي أقدم نص ديني في التاريخ. كان التدوين الأول له على الجدران الداخلية لهرم الملك “ونيس”، آخر ملوك الأسرة الخامسة (2300 ق.م. تقريبا)، ثم استمر هذا التقليد في أهرامات ملوك الأسرة السادسة. وبالطبع لم تظهر هذه النصوص فجأة، فهي تعود إلى أصل أكثر قدما لكنه لم يصل إلينا بعد.
موضوع هذه المتون هو صعود الملك إلى السماء، إذ تحوي نصوصا درامية، وتراتيل دينية، وتعاويذ سحرية، تضمن أن يحظى الملك المتوفى بوضع إلهي، وحياة أبدية، عبر التماهي مع الآلهة، وتدمير أعدائه، ونقل صلاحياتهم إليه، ودرء كل الأخطار التي قد تصادفه في مسيرته، من الجوع والعطش ولدغات الثعابين، وألا يُجبر على تناول الفضلات، أو السير مقلوبا رأسا على عقب في العالم الآخر، وأن يبحر في سلام مع مرافقي إله الشمس “رع” من النجوم التي لا تعرف الفناء.
في نفس الإطار وكما نعلم جميعا تعتبر الاهرامات مولد لأنواع متعددة من الطاقة منها الطاقة النووية والطاقة الكهربائية، بالإضافة إلى الطاقة المغناطيسية وطاقة الأورجون وهي من الطاقات الحرة المستخدمة في الحضارات القديمة وغيرها من أنواع الطاقة الأخرى، كما أنها من أكبر محطات الاتصالات الفضائية.
فوائد متون الاهرامات
تصور التعاويذ الموجودة بمتون الاهرامات أو نصوص الاهرامات بدقة كافة السبل التي من الممكن للفرعون أن يتبعها، بما في ذلك التسلق والدرجات والسلالم والطيران وهو أهمها، ومن الممكن أن التعاويذ قد استخدمت لطلب مساعدة الآلهة وحتى تهديدها إذا لم تستجب، ولكن تختلف نصوص الأهرام عن تلك النصوص التي ظهرت خلال الدولة المتوسطة والدولة الحديثة في عدم احتوائها على “شياطين” أو “عفاريت”. وتختص نصوص الأهرام بأشياء مهمة تخص الميت، منها:
- المحافظة على اسم الميت.
- توفير الغذاء والماء له أثناء عبوره إلى الآخرة
تاريخ اكتشاف متون الاهرامات
نقتبس من هذه النصوص ما يلي:
“التحيات لك يا أبي أوزير، أنا حورس، جئتُ إليك، لأفتح فمك مع بتاح، ولأمجدك مع تحوت، أرد لك قلبك في أحشائك، كي تتذكر ما نسيتَ، أعطيك خبزاً، لتأكل متى تشاء، كما كنتَ تفعل على الأرض، أعطيك ساقيك وتسرع بنعليك، في ترحالك مع ريح الجنوب، وفي رفقتك لريح الشمال، لتكن سريع الخطو كلمح البصر، وتذهب إلى هناك في غمضة عين…”.
بحسب شريف الصيفي، استمرت الطقوس الجنائزية التي توسّعت مع الوقت لتشمل الأموات من الطبقات كافة، وبعد ما كاد يشبه الاندثار في ظل انهيار الأصل القديم تحت وطأة غزوات بثقافات مختلفة. استمرت، لكن، كما يقول الصيفي، في ثوب مسيحي، فقد كان مسيحيو مصر الأوائل يضعون مع المتوفّى في تابوته أو في قبره نصوصاً مسيحية مقدسة عوضاً عن المتون المصرية القديمة، وإلى وقت قريب كان المصريون يضعون بجوار المتوفى في المقبرة جرة ماء، وخصوصاً في مدافن الصعيد.
كما استمر حرصهم – وهم يزورون المقابر – على رشّ الماء على المقبرة، أو قراءة ما تسمّى “العاتقة” على رأس المتوفّى قبل الدفن كي تعتقه من النار قبل خروج النعش من المنزل، كما ظهر في خطاب التلقين عند أقباط مصر ومسلميها، وهي عبارة عن كلمات إرشادية يرشد الملقِّن من خلالها الموتى إلى ما يجب أن يتذكروه في حياتهم الأخرى أو ما يجيبون به عن أسئلة الملكين المخصّصين لسؤال الميت في قبره. وتُعد امتداداً للنصوص الشفوية التي كان الكاهن المرتّل وكاهن التطهير يلقيانها أثناء إعداد الجثمان للدفن، أو التي كانت تدوَّن على جدران التوابيت أو على أوراق البرديّ.