تعرف أسطورة الأنوناكي الغامضة وعلاقتها بالجنس البشري بأنها سر أثار ضجة كبيرة. تعود بدايتها للحضارة السومارية أحد أقدم الحضارات على وجه المعمورة، وتعد من أكثر الحضارات تقدما فكانوا على علم بالموسيقى والفن ووضعوا أسس الري الحديثة، وابتكروا القوارب والعجلات وغيرها، واليوم تعود للواجهة من جديد بسبب سر الأنوناكي القديم.
في الآونة الأخيرة تم الكشف عن ألواح طينية تعود للحضارة السومارية، تحتوي هذه الألواح على مرحلة خلق المخلوقات والمراحل التي مرت بها، فكيف لهم معرفة هذه المراحل وهل هناك سر في هذه الألواح؟ حسنا سنجيب عن هذه الأسئلة في طي السطور التالية.
معنى الأنوناكي
كلمة أنوناكي تعني “السلالة الملكية أو الدم الملكي نسبة إلى آنو ملك ورب الآلهة. المصطلح ذاته يعني: من السلالة الملكية أو من السلالة الأميرية، آلهة السماء السومرية. الاسم مكتوب بشكل مختلف “da-nuna” أو “da-nuna-ke4-ne” أو “da-nun-na”، وهذا يعني “ذرية الأمير” أو “ذرية آنو. وتصف الكلمة مخلوقات غير عادية ليسوا ببشر.
هناك من يعتبر أن مخلوقات الأنوناكي آلهة في حين ينظر إليهم البعض على أنهم ملائكة، بينما يعتقد البعض الأخر أنهم كائنات متطورة أو فضائية، وعددهم 7 شخصيات، وبأنهم القضاة السبعة الذين يجلسون أمام عرش إريشكيجال في العالم الآخر. ولاحقاً في النصوص الأكادية مثل ملحمة جلجامش جاؤوا بنفس التصوير.
عددهم 7 منهم إنانا فهي كوكب الزهرة، وأوتو الشمس، بينما نانا هي القمر، ويبنى اعتقاد الأنوناكي على أنه في البداية كانت السماء ملتصقة بالأرض بحكم ارتباط الإلهين آن وكي، لكنهما انفصلا بعد ظهور إيلين أول من ظهر من ذريتهما، وقام الأخير بفضل الأرض عن السماء، لتبدأ بناء الحضارة على الأرض وخلق البشر على حد زعمهم.
خلال الفترة البابلية القديمة كان يُعتقد أن الأنوناكي هم الآلهة الكثونية للعالم السفلي، بينما كانت آلهة السماوات تُعرف باسم الإجيجي. حدد الحثيون القدماء الأنوناكي على أنهم أقدم جيل من الآلهة، الذين تم الإطاحة بهم ونهبهم من قبل الآلهة الصغار.
وقد برز الأنوناكي بشكل بارز في أعمال العصر الحديث المزيف، مثل كتب زكريا سيتشن ونظريات المؤامرة، مثل نظريات ديفيد أيك على أنهم كائنات غير بشرية جاؤوا من الفضاء وبالتحديد من كوكب اسمه نيبيرو.
على ذكر كوكب نيبيرو فالمعروف عنه أنه الكوكب المدمر، والذي كان يهدد وجودنا على الأرض، فقد تنبأت حضارة المايا بأن هذا الكوكب سيصطدم بالأرض وينهي الحياة على الكوكب، وبعد فشل هذه النبؤة عاد إلى الواجهة عام 2020، بسبب الكوارث الطبيعية التي تشهدها البشرية في الآونة الأخيرة.
رحلة الأنوناكي إلى الأرض
جاء الأنوناكي إلى الأرض لتحقيق غاية سامية ومسألة حياة أو موت، وهي جمع أكبر قدر ممكن من المعادن الثمينة، لا سيما الذهب؛ وذلك بغية ترميم كوكبهم الذي بات ضعيفا، الأمر الذي سيؤثر على طبيعة الحياة عليه بطبيعة الحال.
ولم يأتي الأنوناكي إلى الأرض بمفردهم لكنهم اصطحبوا معهم جنسا أقل منهم يدعى إجيجي، وهم العبيد الذين سيقومون بالعمل على جمع الذهب، ثم قاموا بإنشاء المناجم والمستعمرات، وعددهما منجمين الأول في جنوب إفريقيا والثاني في مكان ما غير محدد في الخليج.
بحسب الحضارة السومارية، كان سكان الأرض في هذه الآونة الحيوانات البرية ورجال الكهف البدائيين، ومرت السنوات سريعا إلى أن جاء اليوم الذي تمرد فيه شعب الإجيجي على الأنوناكي رفضا لاستعبادهم، ولكنهم هُزموا من الأنوناكي ولم تكسب الأخيرة لكنها خسرت كثيرا جراء هذه الحرب.
وأشد الخسارة هي فقدان الأيدي العاملة التي كانت تجمع الذهب. من هنا طلب الإله آن خلق جنس جديد لخدمتهم بشرط أن يكونوا أكثر تطورا من الإجيجي. بعد محاولات عديدة نجح إنكي في خلق البشر، وقد استقروا في منطقة عدن وسمي البشر وقتها أدامو أي آدم.
يقال أن مهمة الأنوناكي هي تحديد مصير الجنس البشري، ويعرف عنهم أنهم جنس متطور للغاية عمالقة ذوي قدرات خارقة، لكن أغرب ما قيل عنهم أنهم هم من خلق البشر، وذلك من خلال دمج حمضهم النووي بالطين، وكانوا في الحضارة السومارية يرتبطون ارتباطا وثيقا بالأجرام السماوية، وكانت تمثل النجوم في السماء الاستوائية الإله آن، أما السماء الشمالية فتمثل إيلي.
مجلس آلهة الأنانوكي
وقد كانت العقائد السومرية تتكلم عن أسطورة مجلس للآلهة مكون من اثني عشر إلهاً لعب الدور الرئيس في نشأة العالم والإنسان . فالإله أنليل خلق السماء ومن ثم إنكي خلق المياه وزوجته كي خلقت الأرض، ثم جاء شمش إله الشمس وسين إله القمر، أدد إله الرياح والرعد والأمطار، ثم مردوخ خلق الإنسان ونبو علمهم الكتابة والمعرفة.
خلق البشر بالجينات الوراثية!
وشعب الأنوناكي هم الشعب القادم من الفضاء “فضائيين” وهم أبناء الآلهة وصناع الإنسان على وجه الأرض، وتحكي الاسطورة السومرية بأن شعب الأنوناكي جلب معه من موطنه علم كبير ومعرفة عظيمة ومن تلك المعارف كان ما نسميه نحن اليوم “الهندسة الوراثية”، في اعتقاد السوماريين أن الأنوناكي خلقوا الإنسان على شكلهم من لحم ودم بالهندسة الوراثية بعد الكثير من التجارب.
وفي اعتقاد السوماريين أن الأنوناكي خلقوا الإنسان على شكلهم من لحم ودم بالهندسة الوراثية بعد الكثير من التجارب فكان في الأول مجرد إنسان حجري وتطوروا الأمر إلى أن وصلوا لخلق الأجداد تماماً على ما نحن عليه كبشر اليوم. بسبب تلك الهندسة العجيبة كانت الجينات أقوى مما عليه اليوم مما يثبت صحة اللوح الأخر من الألواح السومارية التي تذكر أن الملوك السوماريين القدماء عاشوا وحكموا لفترات طويلة جداً تصل لألف أو ألفي عام، وأن ما نحن عليه اليوم ما هو إلا تدهور لتلك الجينات الأصلية.
الطوفان نهاية الأنوناكي
من المفترض أن “الطوفان” هو من قضى على تلك الفصيلة بالكامل، وذلك بسبب غضب الآلهة عليهم ومن بقي بعد الطوفان كان البشر العادين فقط. قصة الطوفان نجدها في موضعين بالعقيدة البابلية قبل ألفي عام من كتابة التوراة، أولها في قصة وأسطورة الملك جلجامش والتي تروي تفاصيل الطوفان العظيم، الذي غمر منطقة ما بين النهرين كلها وممثل النبي نوح عليه السلام بهذه القصة هو “أوتو نبشتم”.
الذي اختارته الآلهة لبناء فلك يدخل فيه مع عائلته وحيوانات كثيرة؛ ليحتمي من الطوفان ويصبح خالداً فيما بعد. أما الذكر الثاني كان في الألواح التي تذكر ملوك سومر القديمة مقسومين لنصفين قبل وبعد الطوفان، ما قبل الطوفان يعيشون لأكثر من ألف عام، وما بعد الطوفان لا يتعدوا المئتين عام من العمر، هذا الفرق الكبير يدل على فكرة هلاك الجنس الأعلى من البشر الذين وجودوا مع شعب الأنوناكي.
الآراء بشأن الاسطورة
يرى الأب سهيل قاشا أن أفكار السومريين عن الخلق والتكوين لم تكن أفكارًا بدائية، بل أفكارًا ناضجة بالدرجة التي تتيحها معارف تلك الفترة من بداية حضارة الإنسان.
ويرى الباحث الأمريكي “جيم بريتشارد ” أن هناك أمورًا مشتركة بين أسطورة الخلق السومرية وقصة الخلق الواردة في سفر التكوين، مثل نشوء السماء، والأجسام السماوية، وعزل الماء عن اليابسة.
ويقول فراس السواح: “والآن إذا حرَّرنا هذه السلسلة الأسطورية من رموزها ومفرداتها الميثولوجية، وترجمناها إلى لغتنا العلمية الحديثة، ظهر لنا منطقها المتماسك والملاحظات العلمية التي قادت لها:
1- في البدء لم يكن موجود سوى المياه التي صدر عنها كل شيء وكل حياة.
2- في وسط هذه الحياة الأولى ظهرت جزيرة يابسة على هيئة جبل قبته هي السماء، وقاعدته هي الأرض، ومن لقاء القبة بالقاعدة ظهر الهواء، العنصر المادي الثالث بعد المياه والتراب.
3- من الصفات الأساسية لهذا العنصر الجديد التمدد، وبتمدد هذه المادة الغازية، تباعدت السماء عن الأرض.
4- لم يكن القمر السابح في الهواء إلاَّ نتاجًا للهواء وأبنًا له، وربما كان من نفس العنصر أيضًا. أما الشمس فهي الابن الذي فاق أباه القمر قوة، وخلَّفه على عرش السماء فيما بعد.
5- بعد أن ابتعدت السماء عن الأرض، وغمرت أشعة الشمس الدافئة وجه البسيطة، تهيأت الشروط اللازمة للحياة، فظهرت النباتات والحيوان وتم خلق الإنسان”.
ويرى فراس السواح أيضًا أن بعض جوانب الأسطورة تتطابق مع الواقع، فولادة القمر من الهواء تقترب من النظريات القاتلة بتشكُل الأجرام السماوية من السحب الغازية، وصدور الأشياء من الماء يشابه نشأة الحياة وتطورها ابتداء من البحر.
لكننا نرد عليهم جميعا بأن الله عز وجل هو الخالق وليس أحد سواه، ومهما حاولوا التشكيك في إيماننا فلن يستطيعوا، كل هذه الأقاويل هي محض إفتراء وكذب ولن ينالوا من عقيدتنا مهما حاولوا. فدورنا هو نقل المعلومة وليس تبني هذه الأفكار الهدامة.