عندما نغط في نوم عميق، تأخذنا أحلامنا إلى أماكن بعيدة بشخصيات مختلفة وأزمنة متعددة، ونسافر عبر الزمن بالنفس عن طريق الجسد الأثيري الذي سبق وتحدثنا عنه في مقال سابق.
وعالم الأحلام متشعب وعميق لأقصى درجة، فتارة نجد أنفسنا في حلم داخل منزلنا ثم وفي لمح البصر نسافر بلاد الهند والسند وبلاد تركب الأفيال!، وهنا تلعب النفس دورا محوريا في تفسير الأحلام ونحن قادرين على تفسير أحلامنا بأنفسنا وفقا لواقعنا وفك الرموز التي يشير إليها الحلم.
قبل أن نشرح معنى هذه العبارات ونبسطها لنستطيع فك رموزها وطلاسمها، علينا أولا أن نعرف ما هي أنواع النفس ودرجاتها السبعة وأسرار النفس السابعة، وما علاقتها بعالم الأحلام والرؤى.
النفس اللوامة
يظهر معناها من اسمها وهي: تترنح بين الخير والشر، تغالب شهواتها تارة وتسقط في حمأة المعصية تارة، فصاحبها يستحضر الملامة والحسرة والخشية عقب اقتراف أي ذنب فيتوب ويؤوب، وهذه نفس طيبة لأنها رجّاعة إلى الحق ولا توجد بها مادة الإصرار والتحدي.
النفس الملهمة
وهي تلهم صاحبها بالخير والعمل الصالح، تحثه على التقوى وتدفعه للايمان، أو على العكس تلهمه بالشر وحب الشهوات وتجره إلى المعاصي، ويصفها الحق سبحانه ويقول”فألهمها فجورها وتقواها”. إذا هي من تختار بعد هذا الالهام إما التقوى أو الفجور.
النفس المطمئنة
وهي المتصفة بالإخلاص والتوحيد لله تعالى، الرضا بقضائه وقدره، التصديق بلقائه، القناعة بما أعطاها ولا تخاف من المستقبل، لأنها متيقنة من أنه الخير طالما بيد رب العالمين، قدرية بامتياز تؤمن بالقدر حد اليقين، تتميز بالقناعة والصبر على البلاء، وبالبر والتقوى، والإقبال على الله. نفس حرة لا ترضى إلا بقانون الإنسانيَّة الفطري. لا تحكم، ولا تتدخل بالآخرين، وتسعى إلى إصلاح عيوبِها.
النفس الراضية
ومن النفس المطمئنة والتي تندرج تحتها النفس الراضية، واطمئنانها إلى ربّها يستلزم رضاها بما قدّر وقضى تكوينًا أو حكم به تشريعًا، فلا تسخطها سانحة ولا تزيغها معصية، وإذا رضى العبد من ربّه، رضى الرب منه، إذ لا يسخطه تعالى إلاّ خروج العبد من زي العبودية، فإذا لزم طريق العبودية استوجب ذلك رضى ربّه ولذا عقب قوله: “راضية مرضية.
النفس المرضية
وهي المتكاملة الراضية من ربّها رضى الرب منها ، واطمئنانها إلى ربّها يستلزم رضاها بما قدّر وقضى تكويناً أو حكم به تشريعاً ، فلا تسخطها سانحة ولا تزيغها معصية ، وإذا رضى العبد من ربّه ، رضى الرب منه ، إذ لا يسخطه تعالى إلاّ خروج العبد من زي العبودية ، فإذا لزم طريق العبودية استوجب ذلك رضى ربّه ولذا عقب قوله : راضية مرضية.
النفس الأمارة
النفس بطبعها تدعو إلى مشتهياتها من السيئات، فليس للإنسان أن يبرّئ نفسه من الميل إلى السوء ، وإنّما له أن يكف عن أمرها بالسوء ودعوتها إلى الشر وذلك برحمة من الله سبحانه ، يقول سبحانه : (وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيم، لذا فهي تأمرنا بالسوء وفقا لهواها وشهوتها، وعلينا كبح جماحها والسيطرة عليها قدر المستطاع.
النفس الشفيعة
وهي الكاملة الخاشعة النقية، تجردت من الجسد فصعدت لمنزلة الروح، لا تبحث عن الدنيا وزينتها ولا تعرف معنى الحقد أو الغل، تتمتع بالشفافية والإطلاق، فتتحكم في الجسد ولا تترك الجسد يتحكم فيها، ويكون صاحبها روحانيا.
والأن وبعد ما عرفنا أنواع النفس السبعة، نصحبكم في جولة روحانية لنتحدث عن تفسير الأحلام وعلاقة النفس بالتفسير، وأسرار النفس السابعة وهي الشفيعة كما سبق وأشرنا. ويفسر لنا العالم والدكتور مصطفى محمود هذه المعضلة عندما تحدث عن الأحلام وربطها بأنواع وأسرار النفس السابعة، فأكد على أن النفس تستطيع تفسير حلمها بحسب الرموز التي جاءت في هذا الحلم.
واستعان بفرويد وهو العالم المعروف بقدرته على تفسير الأحلام الذي عرف الحلم بأنه انعكاس لـ”رغبات العقل اللاواعي” للشخص الحالم، بمعنى آخر يحاول الحالم تحقيق رغباته اللاواعية من خلال الأحلام، وفي معظم الأحيان تتعلق تلك الرغبات بذكريات الطفولة وتجاربها، وقد تعكس المخاوف المختبئة في عالم اللاوعي وتظهر في الأحلام.
وبحسب فرويد، يمكن للحالم تفسير حلمه عن طريق الرموز وربطها بحياته، فمثلا عندما يحلم الشخص بالبحر فعليه أن يسترخي ويفكر بهدوء ماذا يعني البحر بالنسبة له، وبماذا يرمز ولا بد أن يفسر الحلم قبل مرور 10 دقائق فور استيقاظه لأنه سينسى التفاصيل بعد ذلك.
يمكننا مما سبق استنباط العلاقة بين أنواع النفس والأحلام، فالنفس المطمئنة ستفسر الحلم بشكل مختلف عن النفس الأمارة بالسوء على سبيل المثال، فلكل منهما طريقته في التفسير والتأويل وتطويع الرموز للحياة التي يعيشها صاحب كل نفس على حدة.