الأسرة العلوية.. لمحة من تاريخ مصر الحديث

لمن يتابعنا للمرة الأولى، تحدثنا في سلسلة مقالات مميزة عن الحضارة المصرية حتى شرحنا أسباب ضعف الدولة العثمانية، واليوم نتحدث عن الأسرة العلوية.
منذ بداية العالم وضُخ دم البشرية في عروق الحياة، خرجت للدنيا حضارة تعد عالما قائما بذاته، غيرت مجرى التاريخ ورسمت ملامح عظمتها على وجه الزمن، وكنا وما زلنا وسنظل نفخر بها حتى النهاية، ودائما نأخذ دور غواص في بحر الحضارة المصرية القديمة ونفتش عن الحضارة المصرية ونسرد ومضات تاريخية عن تاريخ الاسر المصرية القديمة.
فتحدثنا عن ومضات تاريخية للحضارة المصرية منذ البداية وعرفنا يعني ايه مصر أي قبل أن يحفر المصري القديم مكانته بين البشر، وينطلق لأعنان السماء معلنا عن بداية ليس لها نهاية، من عبقرية وتحدٍ وقدرة على الإبداع لم يعرف لها العالم سر بعد، وقررنا أن ننزل إلى الأعماق.
تحدثنا في المقال السابق للحديث عن كمال أتاتورك أول رئيس للجمهورية التركية بعد انهيار الدولة العثمانية، واليوم نتحدث عن الأسرة العلوية.
الأسرة العلوية:
بعد انتهاء حكم الدولة العثمانية في مصر في عام 1914، تولى الحكم أسرة محمد علي العلوية أو ما يطلق عليها الأسرة العلوية. بعد ذلك، حكمت بريطانيا مصر بشكل مباشر من عام 1914 إلى عام 1922، ثم أصبحت مصر مملكة تحت الحكم البريطاني حتى ثورة 1952 التي أدت إلى إعلان الجمهورية.
أسرة محمد علي العلوية:
محمد علي باشا: مؤسس الأسرة العلوية، تولى حكم مصر عام 1805 حتى 1848، وكان نائبًا للسلطان العثماني.
إبراهيم باشا: تولى الحكم بعد والده، ولكن توفي بعد فترة قصيرة.
عباس باشا الأول: تولى الحكم بعد إبراهيم، لكنه اغتيل عام 1854.
سعيد باشا: تولى الحكم بعد عباس، ثم تولى ابنه إسماعيل.
إسماعيل باشا: تولى الحكم، وأصبح خديويًا عام 1867، لكنه أُطيح عام 1879.
محمد توفيق باشا: تولى الحكم بعد إسماعيل.
عباس حلمي الثاني: تولى الحكم بعد محمد توفيق، لكنه أُطيح عام 1914 بسبب الحرب العالمية الأولى.
حسين كامل: تولى الحكم كأول سلطان لمصر، بعد إطاحة عباس حلمي الثاني، ثم أصبح ملكًا بعد إعلان الاستقلال.
أحمد فؤاد الأول: تولى الحكم كأول ملك لمصر والسودان بعد إعلان الاستقلال.
فاروق الأول: تولى الحكم بعد والده.
أحمد فؤاد الثاني: تولى الحكم كآخر ملوك مصر والسودان، ثم أُطيح عام 1952 مع ثورة الضباط الأحرار.
الحكم البريطاني:
بعد إطاحة عباس حلمي الثاني في عام 1914، أصبحت مصر تحت الحماية البريطانية، حيث تولى حسين كامل الحكم كأول سلطان لمصر. في عام 1922، أعلن عن استقلال مصر، لكن بريطانيا احتفظت بالسيطرة على بعض القضايا، مثل الدفاع والشؤون الخارجية. استمرت بريطانيا في احتلال مصر حتى عام 1952، عندما قامت ثورة الضباط الأحرار بإطاحتها وإعلان الجمهورية.
أهم إنجازات الأسرة العلوية:
- تأسيس جيش مصري منظم.
- تحديث وتطوير البنية التحتية للبلاد، بما في ذلك إنشاء الطرق والجسور والسكك الحديدية.
- تطوير التعليم وإنشاء المدارس والجامعات.
- إحداث نهضة عمرانية في القاهرة والمدن الأخرى.
- تأسيس البنوك والشركات.
نهاية حكم الأسرة العلوية:
انتهى حكم الأسرة العلوية في مصر عام 1952، بعد قيام ثورة يوليو التي قادها مجموعة من الضباط الأحرار بقيادة محمد نجيب وجمال عبد الناصر. أُطيح بالملك فاروق الأول، وتم إعلان قيام الجمهورية المصرية عام 1953.
محمد علي باشا هو مؤسس مصر الحديثة وأحد أبرز حكام الأسرة العلوية. وُلد عام 1769 في مدينة قولة بمقدونيا (اليونان)، وتولى حكم مصر عام 1805 بعد اختيار الشعب له. قام بإصلاحات شاملة في مجالات الزراعة والصناعة والتعليم والجيش، مما جعل مصر دولة قوية وذات شأن في عصره. توفي في 2 أغسطس 1849 في الإسكندرية.
نشأته وحياته المبكرة:
- ولد محمد علي باشا عام 1769 في مدينة قولة بمقدونيا (اليونان حاليًا).
- توفي والده وهو صغير، فتولى رعايته أحد أصدقاء والده، ثم تزوج من امرأة ثرية.
- بدأ حياته العملية في تجارة التبغ، ثم انخرط في العمل العسكري.
- شارك في الحملة العثمانية لطرد الفرنسيين من مصر، واستغل حالة الصراع السياسي لتولي الحكم.
توليه حكم مصر:
تولى حكم مصر عام 1805 بعد اختيار الشعب له، خلفًا لخورشيد باشا، تمكن من تثبيت حكمه والتخلص من المماليك ووفقًا لموقع الجزيرة نت. واجه مقاومة بريطانية، لكنه تمكن من إجبارهم على الانسحاب؛ حيث كان من أقوى حكام الأسرة العلوية.
إصلاحاته وتطويره لمصر:
قام بتطوير الزراعة من خلال زيادة الرقعة الزراعية واستخدام أساليب ري حديثة. وأدخل زراعة القطن طويل التيلة، وأنشأ العديد من المصانع. كذلك أنشأ المدارس، وأرسل البعثات التعليمية إلى أوروبا. بالإضافة إلى أنه قام بتحديث الجيش المصري وإنشاء أسطول بحري قوي، وأخيرا قام بإنشاء بنك الإسكندرية.
نهاية حكمه:
تنازل عن الحكم لابنه إبراهيم باشا عام 1848، توفي في 2 أغسطس 1849 في الإسكندرية. كانت أهم إنجازات محمد علي باشا: مؤسس مصر الحديثة، قام بتحديث الجيش المصري، قام بتطوير الزراعة والصناعة والتعليم، جعل مصر دولة قوية وذات شأن في المنطقة.
عباس باشا الأول
ولد عام ١٨١٣ بمحافظة الإسكندرية. اشترك مع إبراهيم باشا في حرب الشام، حيث قاد أحد الفيالق الحربية، عقب عودته من الحرب، بذل محمد علي باشا جهودًا لإكسابه خبرات ولاية الحكم، فعهد إليه ببعض المناصب الإدارية منها مدير إقليم الغربية.
عُيِّن مُفتشًا على الأقاليم البحرية (الدلتا)، ثم عُيِّن مُفتشًا على عموم الدواوين، كذا عُيِّن مديرًا للديوان الخديوي مع استمراره مُفتشًا للدواوين، كما عُيِّن قائمقام خديوي. في ٢٤ نوفمبر عام ١٨٤٨ تولى حكم مصر.
أغلق المصانع التي أنشأها محمد علي، وبذلك قضى على نظام الاحتكار الذي أنشأه في الصناعة، كما أنهى الاحتكار في مجال الزراعة أيضًا، وقد توطّدت علاقته بالقنصل الإنجليزي الذي عرض عليه مشروع إنشاء خط سكة حديد بين القاهرة والإسكندرية. أصلح طريق القاهرة إلى السويس، وأمر بإنشاء طريق مستقيم بين بنها والقاهرة.
أنشأ عدة قصور منها: “سراي العباسية”، “قصر بنها”، “سراي الحلمية”، “سراي العتبة الخضراء”. كذلك شجع عالم الآثار الفرنسي مرييت في البحث عن الآثار، وقد ألقى ضوءًا على تاريخ مصر القديمة. فضلا عن أنه أصدر لائحة جديدة لتنظيم التجنيد، وأباح التطوع للخدمة العسكرية.
علاوة على أنه أنشأ “مجلس الأحكام”، وأعاد تشكيل المجلس الخصوصي وعدل اسمه إلى “ديوان محافظة مصر”، وكان يشارك في السلطة التشريعية، كما كان يشرف على السلطة القضائية، فقد كان من أبرز حكام الأسرة العلوية.
أنشأ مدرسة المفروزة الحربية، وأرسل ١٩ طالبًا إلى أوروبا، وقام باستدعـاء معظم أعضاء البعثات الذين كانوا يتلقون العلم في فرنسا منذ عهد محمد علي. اغتيل في قصره في بنها عام ١٨٥٤.
الخديوي إسماعيل
ولد عام ١٨٣٠ بمحافظة القاهرة، اهتم إبراهيم باشا بتربيته، فتعلم مبادئ العلوم واللغات العربية والتركية والفارسية، ثم سافر إلى باريس لينتظم في سلك البعثة المصرية الخامسة. عاد إلى مصر في أثناء تولّي إبراهيم باشا حكم مصر، وعقب وفاته رحل إلى الآستانة.
عيَّنه السلطان العثماني عضوًا بمجلس أحكام الدولة العثمانية، ولم يَعُدْ إلى مصر إلا بعد مقتل عباس الأول، كان نائبًا لسعيد باشا في حكم مصر أثناء سفره إلى كل من السودان وسوريا والحجاز والآستانة. عيَّنه سعيد باشا سردار للجيش المصري، وعهد إليه بقمع فتنة بعض القبائل في السودان عام ١٨٦١ ؛ فتمكَّن من إخماد هذه الفتنة؛ نظرا لبأسه الشديد حيث يعتبر من أكثر حكام الأسرة العلوية حكمة وقوة.
تولّى حكم مصر في ١٨ يناير عام ١٨٦٣، حول مجلس المشورة إلى مجلس شورى النواب، وأتاح للشعب اختيار ممثليه.كما حوّل الدواوين إلى نظارات، وشكّل أول نظارة تشاركه مسئولية الحكم، وقام بإلغاء المحاكم القنصلية واستبدل بها المحاكم المختلطة.
انتهى في عهده حفر قناة السويس، كما أنه أنشأ قصورًا فخمة مثل قصر عابدين وقصر رأس التين وقصر القبة، وأنشأ دار الأوبرا وكوبري قصر النيل، كذلك اهتم بالزراعة فعمل على زيادة مساحة الأرض الزراعية، حفر ترعة الإبراهيمية وترعة الإسماعيلية، كما أنشأ المصانع من بينها ١٩ مصنعًا للسكر، وقام ببناء ١٥ منارة لإنعاش التجارة.
اهتم بالتعليم فقام بزيادة ميزانية نظارة المعارف، وتكليف علي مبارك بوضع قانون أساسي للتعليم، أنشأ دار العلوم لتخريج المعلمين ودار الكتب، وقد ظهرت في عهده بعض الصحف مثل الأهرام والوطن ومجلة روضة المدارس، أنشأ الجمعية الجغرافية ودار الآثار المصرية.
عقد معاهدة مع بريطانيا عام ١٨٧٧ للقضاء على تجارة الرقيق، أدَّت النزعة الاستقلالية للخديوي إسماعيل في حكم مصر إلى إحساس كل من إنجلترا وفرنسا بالقلق إزاء مصر، وتحت ضغطهما أصدر السلطان العثماني فرمانًا بعزله في ٢٦ يوليو عام ١٨٧٩، سافر بعد عزله إلى نابولي بإيطاليا ثم انتقل للإقامة في الآستانة. توفّي في مارس عام ١٨٩٥.
نكتفي بهذا القدر من الحديث عن الأسرة العلوية، وسنستكمل الحديث عنها في المقال القادم، على وعد بلقاء الأسبوع المقبل، دمتم في أمان الله.
كتبت: مروة مصطفى