الخديوي عباس حلمي.. كيف أثر في تاريخ مصر الحديث؟

لمن يتابعنا للمرة الأولى، تحدثنا في سلسلة مقالات مميزة عن الحضارة المصرية حتى شرحنا أسباب ضعف الدولة العثمانية، واليوم نتحدث عن الخديوي عباس حلمي.
منذ بداية العالم وضُخ دم البشرية في عروق الحياة، خرجت للدنيا حضارة تعد عالما قائما بذاته، غيرت مجرى التاريخ ورسمت ملامح عظمتها على وجه الزمن.
وكنا وما زلنا وسنظل نفخر بها حتى النهاية، ودائما نأخذ دور غواص في بحر الحضارة المصرية القديمة ونفتش عن الحضارة المصرية ونسرد ومضات تاريخية عن تاريخ الاسر المصرية القديمة.
فتحدثنا عن ومضات تاريخية للحضارة المصرية منذ البداية وعرفنا يعني ايه مصر أي قبل أن يحفر المصري القديم مكانته بين البشر، وينطلق لأعنان السماء معلنا عن بداية ليس لها نهاية، من عبقرية وتحدٍ وقدرة على الإبداع لم يعرف لها العالم سر بعد، وقررنا أن ننزل إلى الأعماق.
تحدثنا في المقال السابق للحديث عن الأسرة العلوية وما زلنا بصدد الحديث عنها، ونبدأ مقالنا بالحديث عن الخديوي عباس حلمي.
الخديوي عباس حلمي
ولد في ١٤ يوليو عام ١٨٧٤ بمحافظة القاهرة. تلقّى تعليمه حتى سن العاشرة على يد مدرسين خصوصيين في مدرسة الأمراء بالقصر في القاهرة.
أرسله الخديوي محمد توفيق للدراسة في جنيف بسويسرا وفي فيينا. تولّى حكم مصر عقب وفاة الخديوي محمد توفيق ٨ يناير عام ١٨٩٢ .
تمسّك الخديوي عباس حلمي بحقوق مصر، وعارض السياسة البريطانية، فقد كان يريد أن يكون حاكمًا حقيقيًّا لا دُمْية في يد الإنجليز.
حاول الخديوي عباس حلمي أن ينتهج سياسة إصلاحية ويتقرّب إلى المصريين ويقاوم الاحتلال البريطاني، لكنه لم يستمر طويلًا.
انتهز الإنجليز فرصة بوادر نشوب الحرب العالمية الأولى، فخلعوا الخديوي عباس حلمي من الحكم في ١٩ ديسمبر ١٩١٤ ، وكان حينئذ خارج مصر، فطلبوا منه عدم العودة، ثم نصَّبوا عمه حسين كامل سلطانًا على مصر.
انجازات لا حصر لها
في عهد الخديوي عباس حلمي تم مدّ خطوط السكك الحديدية بين العديد من المدن المصرية، وأخذت في التوسع والامتداد، كما أنشأ الطريق الزراعي الذي ربط القاهرة بالإسكندرية، وآخر يربط حلوان بالقاهرة، ثم بالقناطر الخيرية.
أنشأ كوبري عباس، وكوبري الملك الصالح، وكوبري محمد علي، ثم كوبري بولاق – أبو العلا، وكوبري الزمالك، ثم كوبري الجلاء.
اكتشف في عهده البترول عام ١٩١، بالإضافة إلى أنه ظهر في عهده عدد كبير من الصحف والدوريات، منها: الهلال، واللواء، والجريدة.
كما أنشأ البنك الأهلي المصري، والجمعية الزراعية، والبنك العقاري المصري، والجمعية الخيرية الإسلامية، والجمعية التشريعية.
تقدم التعليم في عهده، حيث أوفد البعثات العلمية وافتتح مشروع الجامعة الأهلية.توفّي في ١٩ ديسمبر عام ١٩٤٤ .
السلطان حسين كامل
السلطان حسين كامل: ولد في ٢١ نوفمبر عام ١٨٥٣ بمحافظة القاهرة. تلقّى تعليمه في مدرسة المنيل، ثم سافر إلى فرنسا عام ١٨٦٨ حيث أقام في بلاط نابليون الثالث.
عاد إلى مصر مع افتتاح قناة السويس، وكان مترجمًا للإمبراطورة أوجييني. كلّفه الخديوي توفيق باستقبال كل من الملك إدوارد السابع “ولي عهد بريطانيا” والقيصر نيقولا الثاني “ولي عهد روسيا”.
تولى منصب مفتش عام أقاليم الوجهين البحري والقبلي عام ١٨٧٢ ثم نظارة الأشغال العمومية، ثم نظارة المالية فرئاسة الجمعية العمومية ومجلس شورى القوانين.
تولى حكم مصر عقب إعلان الحماية البريطانية في ١٩ ديسمبر عام ١٩١، علاوة على أنه أنقذ البلاد من طغيان فيضان النيل باتخاذ كافة الاحتياطات لتأمين الجسور وتقويتها.
أول من أنشأ المعارض الزراعية في مصر. كذا أنشأ السكك الحديدية التي ربطت حلوان بالعاصمة.
قرر صرف مكافآت التفوق للطلاب النابغين، مما أدى إلى زيادة حدة التنافس العلمي بين الطلاب، وارتفاع مستوى العملية التعليمية، أسس مدارس الأطفال العسكرية بالقاهرة والإسكندرية.
أول حاكم مصري تضرب النقود باسمه، بعد زوال السيادة العثمانية. تُوفّي في ٩ أكتوبر عام ١٩١٧ .
الملك احمد فؤاد الاول
الملك أحمد فؤاد الأول: ولد في ٢٦ مارس عام ١٨٦٨ بمحافظة الجيزة. عند بلوغه السابعة من عمره ألحقه والده بالمدرسة الخاصة بقصر عابدين، ثم سافر بعد ذلك إلى إيطاليا وعانى أثناء فترة إقامته بها.
سافر إلى تركيا من أجل مقابلة السلطان عبد الحميد والتوسط حتى يعود لمصر، وبالفعل أمر السلطان بعودته إلى مصر وألحقه بالعمل في الجيش المصري.
في عام ١٨٩٠ وبعد عودته إلى مصر عني بشئون الثقافة ورأس اللجنة التي تولت مهمة تأسيس وتنظيم الجامعة المصرية الأهلية عام ١٩٠٦ .
في ٩ أكتوبر عام ١٩١٧ تولى حكم مصر بعد تدخل السلطات البريطانية من أجل تنصيبه.
بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى، نشطت الحركة الوطنية المقاومة للإنجليز مطالبة بالاستقلال وجلاء الاحتلال، وهنا قام الملك بدور كبير لتشتيت جهود زعماء الحركة الوطنية وحرمانهم من أي مكاسب تزيد من شعبيتهم.
في ٢٨ فبراير عام ١٩٢٢ أعلنت بريطانيا في تصريح باستقلال مصر مع العديد من التحفظات التي تُحْكِم من خلالها سيطرتها على مصر والسودان وتستطيع التدخل في شئون مصر.
قام بإجراءات كان الهدف منها تقويض الحكم الدستوري وتعطيل الحياة النيابية وحل مجلس النواب ومجلس الشيوخ، وجعل من حقه تعيين الأعضاء المعينين في مجلس الشيوخ، ثم أصدر أول مرسوم بإقالة الوزارة الائتلافية.
عقب إعلان الاستقلال غير لقبه وأصبح اللقب الرسمي له هو “حضرة صاحب الجلالة الملك فؤاد الأول”.
صدر في عهده دستور ٢٣ ودستور ٣٠ . في يناير عام ١٩٢٤ شُكِّلت في عهده أول وزارة شعبية برئاسة سعد باشا زغلول، وشهد عهده أيضًا توالي عدد كبير من الوزارات. توفي في ٢٨ أبريل ١٩٣٦.
نأتي وإياكم إلى نهاية حديثنا عن الخديوي عباس حلمي ومن خلفه من الحكام المتعاقبين على مصر وما أنجزوه وحققوه في عهدهم واسهامتهم من تغييرات في تاريخ مصر الحديث. على وعد بلقاء الأسبوع القادم، دمتم في أمان الله.
كتبت: مروة مصطفى