انا وبنتيانا وعائلتي

الطفل سريع الملل مبدع وذكي وبحاجة للاكتشاف لهذه الأسباب

هل حقا ملل طفلك ممكن أن يكون مهم؟

لاشك أن التعامل مع الطفل سريع الملل صعب للغاية. إذ نجد أن بعض الأطفال يعانون من صعوبة في التركيز على نشاط معين لفترة طويلة، ولا يستمر بمشاركة نشاط معين بسهولة ويتطلب جهدا مضاعفا.

من المناسب في هذه الحالة تعليم الطفل أهمية الإنجاز في الحياة، وإخباره عن أهمية إكمال نشاطه حتى النهاية، ويمكن لطريقة المكافآت أن تنجح هنا أيضا، حيث يمكن منح الطفل شيئا يحبه في حال أكمل نشاطه حتى النهاية.

كما ويمكن أيضا البحث عن النشاطات التي يحبها الطفل؛ كالرسم مثلا، وجعله يمارس هذا النشاط لأطول فترة ممكنة من أجل تعويده على التركيز بشكل أفضل، وبذلك يتحول الطفل سريع الملل لطاقة متفجرة من الابداع والتميز.

عادة ما يبذل كثير من الآباء والأمهات اليوم جهدا كبيرا -فضلا عن المال- في اختيار أنشطة متنوعة لأطفالهم؛ بهدف ألا يشعروا بالملل من ناحية وألا يضيعوا أوقاتهم دون تعلم مهارات جديدة من ناحية أخرى، كما أن البعض يفعل هذا سعيا للتخلص من إزعاج الطفل. وعلى هذا الحال، يقضي الطفل إجازته في التنقل بين الأنشطة.

الطفل سريع الملل مبدع بطبعه

لكن لعالم النفس الفرنسي باسكالين بوبيتيل رأي أخر مفاجئ لنا جميعا، وهو أننا السبب في جعل الطفل سريع الملل! والسبب ما نقوم به من تعبئة برامج الأطفال بالأنشطة ليس مفيدا بالضرورة، وأن الملل ليس خصما للعطلة الصيفية، بل هو أمر صحي جدا وضروري للغاية.

ويؤكد بوبيتيل على بعض النقاط المهمة، التي يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار لمعالجة هذه المسألة، والحل الجذري للطفل سريع الملل، من خلال هذه النقاط المهمة.

ظاهرة الرضا الفوري

إننا نعيش في مجتمع الرضا الفوري، حيث تنتاب الأطفال حالة من الذعر إذا لم يكن لديهم ما يفعلونه. لقد تسببت التكنولوجيا والاستهلاكية والكم الهائل من الأنشطة اللا منهجية في أن يكون عالم الأطفال منظما للغاية. فضلا عن أن اطلاعنا على حياة الآخرين عبر وسائل التواصل يدفعنا لمجاراتهم، فنُلحق أطفالنا مثل أطفالهم بالمزيد والمزيد من الأنشطة، ونشعر أحيانا بالتقصير إذا لم تكن حياة أطفالنا مزدحمة بها.

مفاجئة كبيرة هذا ليس واجب الأباء

يقول عالم النفس الفرنسي “باسكالين” إن هذا ليس واجبنا أبدا، إذ إن جزءا من التوازن العقلي الذي يحتاج إليه الطفل، هو أن يعرف كيف يتعامل مع الملل، بل ويتعايش معه كونه سمة ونتيجة للفراغ الذي نعيش فيه، فإذا قمنا بالمزيد من الأنشطة المفيدة، حتما لم يتسلل الملل إلى حياتنا.

 

الطفل سريع الملل

أهمية الملل و الرتابة

إن الرتابة التي نشعر بها في لحظات الملل هي التي تدفعنا للاكتشاف، إذ يبدأ حينها النظر للأمور بشكل أكثر اختلافا وربما عمقا عن ما هو مألوف. بالتأكيد لا نقصد أن الشعور بالملل في حد ذاته مفيد، ولكن في الكيفية التي نبتكر بها أساليب مقاومة الملل، حيث نتجه بالعادة إلى الانكفاء على الذات مما يزيد من معدلات التركيز والتخيل.

إن ما نفعله في الحقيقة حين نخطط لكل أوقات الطفل ونصطحب ألعابه حتى لا يشعر بالملل هو أننا لا نترك أي مساحة للإبداع لديه، إذ من الضروري أن يشعر الأطفال بالملل حتى يسعى جاهدا للبحث عن الطريقة المناسبة للقضاء عليه، وبالتالي يبتكرون أنشطة جديدة، وبذلك نحل مشكلة الطفل سريع الملل.

التكنولوجيا الحديثة سبب قتل الابداع

وهو تماما الأمر الذي توقفنا منذ سنوات عن فعله في ظل الاتصال التقني المستمر الذي يُزيح أي مساحة تأمل. في المدارس مثلا، نميل لإبعاد أي شعور بالفراغ لدى الطفل، فنلجأ للطرق المثيرة لإيصال المعلومة عبر الصور المرئية و”التعلم التفاعلي” المصمم وفقا لمثيلات “Candy Crushed”، فلن يستمع أطفالنا إلى محاضرات طويلة ويتبادلون النقاش حولها، إننا نعتمد أساليب تعلم “سهلة البلع.

علاوة على أننا في مجتمع استهلاكي متأثر بفكرة “المزيد والمزيد”، وهذه المنافسة تدفعنا لتزويد أطفالنا بالأدوات والمعارف الفنية؛ حتى يتمكّنوا من التعامل مع الامتحانات والتعليم العالي والمهن الصعبة في المستقبل، وهي من أكثر الأسباب الشائعة لجعل الطفل سريع الملل.

وهكذا نُطالَب -الأطفال و الأباء -علي حد سواء بالانتقال من شاشة إلى أخرى من أجهزة اللاب توب إلى الهواتف الذكية، ومن أجهزة التلفاز إلى التابلت، مثال علي ذلك في رحلات السفر الطويلة ما إن نربط أحزمة الأمان في رحلة سفر طويلة حتى نفكر في فيلم أو لعبة ليقطع أطفالنا الساعات في هدوء وأعينهم مثبتة على الشاشة.

 كل شئ متاح أمام أطفالك

إذا كان كل شيء متاحا، فلماذا سيتضايقون؟ لن تكون هناك حاجة إذا. لقد ابتُكرت الأفكار والاختراعات العظيمة خلال اللحظات التأملية، حين يشعرون بالملل تكون الفرصة سانحة لتعزيز الإبداع، ومنحهم فرصة ليلتقوا بأنفسهم ويلمسوا مشاعرهم، وهو أمر سيُفيدهم تعلّمه منذ الصغر.

أهمية أن يتضايق الطفل

إن ما نفعله في الحقيقة حين نخطط لكل أوقات الطفل ونصطحب ألعابه حتى لا يشعر بالملل هو أننا لا نترك أي مساحة للإبداع لديه، إذ من الضروري أن يصبح الطفل سريع الملل؛ حتى يسعى جاهدا للبحث عن الطريقة المناسبة للقضاء عليه، وبالتالي يبتكرون أنشطة جديدة.

ترك صفحة بيضاء للابداع

إن ترك طفلك وحده وأمامه وقت طويل لا يجد ما يقطعه به، مثل ترك صفحة بيضاء أمام رسام ليرسم لوحة من إبداعه، الملل فن يجب أن يتعلمه الأطفال؛ أن يديروا وقت فراغ معين، وحدهم وبإرادتهم. تؤكد المعالجة النفسية تيريزا أن الطفل يجب أن يتعلم أن يأخذ زمام المبادرة فيما يتعلق بتسلية نفسه، لا أن يقوم بذلك شخص آخر.

إذ سيواجه الأطفال شعور الملل في المدرسة، ثم في العمل، ومن المؤكد أن تعليمهم التعامل معه منذ الصغر بدلا من رفع مستوى الترفيه يجعلهم أكثر استعدادا لمستقبل أكثر واقعية، دون توقعات زائفة حول العمل والحياة، حتى إن أسعدهم الحظ بالوظيفة التي يحبونها، فقد يضطرون لقضاء يوم كامل في الرد على البريد الإلكتروني أو التحقق من جداول البيانات.

 

الطفل سريع الملل

 

بشكل أكثر تحديدا فإن ترك ساعات فارغة من شأنه أن يفيد الطفل فيما يلي:

 القدرة على الإبداع

حين نُبعد الأطفال عن الأجهزة التقنية، فإنهم يكونون مجبرين على أن يكونوا أكثر إبداعا في إيجاد طرق للتسلية. إننا نمنحهم بهذا فرصة لتجربة الأشياء، وننمي لديهم حب الاكتشاف والفضول، وقد توصلت أبحاث إلى أن الأشخاص الذين يقومون بمهام مملة يُظهرون خيالا أوسع وتكون لديهم أفكار مبتكرة حين يشاركون في نشاط تفكير إبداعي

زيادة تقدير الذات

نجاح الطفل في مواجهة الملل وتجربة ألعاب وأفكار مختلفة وإدارة وقت الفراغ وحده تزيد من تقديره لذاته، يتعلم الطفل أن يقضي الوقت وحده، ويتعرف على ما يجلب له السعادة بمفرده، وهذه القدرة على اللعب أو النوم وحده، تعد إحدى علامات الأمان العاطفي.

القدرة على الحلم

حين يفتقد الطفل شيئا في الواقع سيلجأ إلى خلقه في الخيال، إنها لحظة ثمينة وضرورية ندع خلالها عقول الصغار تتطلع وتخلق وتتخيل وتجرب ونترك العنان لأفكارهم للاكتشاف. هذا الفراغ يتيح لهم فرصة للاسترخاء أيضا بعد يوم مدرسي وعديد من الأنشطة، وهو فرصة للتواصل الحميم المهم لبناء شخصيتهم، الحلم يعني قدرتهم على الإبداع وابتكار حلول للمشكلات والتفكير خارج الصندوق، وهي قدرات يحتاج إليها الطفل في المستقبل.

زر الذهاب إلى الأعلى