انا وابنيانا وعائلتي

لماذا تغير شكل الجريمة والدوافع لارتكابها؟ إليك الأسباب والحلول

يتغير المجتمع عبر السنين، وتتغير معتقداته وميوله ودوافعه، وعندما نبحث عن الأسباب نجدها كثيرة ومتفاوتة، لكن عندما نجد حدوث تغير لشكل الجريمة ودوافعها، فلا بد لنا من وقفة.

قد يرجع تغير شكل الجريمة لتغيير معايير التربية وانزواء الأخلاق والقيم التي ترسخت بداخلنا جيلا بعد جيل، أو للعولمة التي باتت تطغى على كل أشكال الحياة في كل المجتمعات.

علينا أولا  أن نعترف بالتأثير السلبي للسوشيال ميديا، نعم فهي الآفة الكبرى، فعندما ظهرت أخذت تطفئ بريق القيم وتضيع رونق الحياء، وقتلت الأخلاق بخنجر مسموم.

يوافقنا في هذا الطرح، العديد من المحللين والأطباء النفسيين، وغيرهم من المتخصصين الذين يبحثون عن الأسباب، وينشرون الكثير من الأبحاث في هذا الصدد، وفتشوا عن أسباب تغير شكل الجريمة.

ونحن أيضا في الداديز، سنلقي الضوء على هذه القضية الشائكة، في ظل المعطيات التي ظهرت على المجتمع في الآونة الأخيرة، في قراءة تحليلية لمعرفة الدوافع وراء تغير شكل الجريمة ودوافعها:

العنف سيد الموقف

نعم، ساد العنف وأصبح اللغة التي يتحدث بها أغلب الأشخاص، وبالأخص هذا الجيل الذي تربى على السوشيال ميديا منذ نعومة أظفاره.

حيث تجد الطفل لا يتخطى عمره العشر سنوات، ولا يترك الهاتف المحمول من يده، ولا يشعر بالعالم من حوله، ويلعب الألعاب القتالية، والتي تكافئه كلما زاد عدد القتلى.

وتنتشر الفيديوهات المحرضة على العنف، وتصبح كالنار في الهشيم تحرق كل شيء بلا هوادة، وباتت بحق لا تبقي ولا تذر.

الكاميرا الدوارة

لا يتورع من يحمل الهاتف المحمول عن تصوير كل شيء وأي شيء، فانتحرت الخصوصية في طرقات الفضائح والتشهير، فهذه تصور صديقتها لتبتزها، وتلك تصور والدها وهي تنهال عليه بالسب والشتائم.

قد يختلف السبب بين الحالتين، فالأولى تبتز صديقتها بدافع الانتقام، أما الثانية فتسب والدها من أجل تصدر الترند وكسب المال، والذي بات هو الغاية التي تبرر الوسيلة.

حياتنا على المشاع

كم مرة فتحت مواقع التواصل الاجتماعي، لتتابع أخبار العالم، ووجدت سيدة تصور فيديوهات من داخل غرفة نومها، لتعلم النساء كيف يقمن بالأعمال المنزلية، قد يكون الهدف سامي لكنها تظهر بشكل لا يليق أمام الناس، وكل ذلك لكسب المال ليس إلا.

بخلاف الأزواج الذين يصورن حياتهم اليومية بكل تفاصيلها، دون حياء أو مواربة، فنجدهم يتحدثون في كل التفاصيل دون خجل، والأدهى من ذلك اشراك أطفالهم معهم في هذه المهزلة.

ولا يخفى على أحد فيديوهات التيك توك، التي أظهرت الوجه الخفي للمجتمع،  ناهيك عن المحتوى الهابط والمستوى الردئ لمحتوى هذه الفيديوهات، فالكل فنان والجميع صحفيين، يفضحون هذا ويشهرون بذاك.

شكل الجريمة البشع

لطالما بدأنا يومنا بأخبار بشعة، حيث سمعنا عن الطالب الذي ذبح زميلته لمجرد أنها رفضت الارتباط به، أو المعلم الذي ذبح طالب عنده ومثل بجثته، وانهال عليها يقطعها إربا بدم بارد، بلا شفقة أو رحمة.

ليأتي السؤال المهم، أين ذهب الدين ومتى اختفت الفضائل ولماذا وأدت الأخلاق؟ لنجيب عن هذه الأسئلة، علينا أن نتعمق في الأسباب ونفتش عن الدوافع وراء هذه التغيرات.

أدوات القتل المباحة

لم تقتصر أدوات القتل على المسدس أو السكين، ولكن هناك أسلحة فتاكة تبيد قيم المجتمع عن بكرة أبيها، وهي التكنولوجيا بكافة أنواعها وبكل صورها، فبرنامج الفوتوشوب، الذي صمم خصيصا ليساعد المهندسين وذوي الأعمال الفنية على عملهم.

أصبح أداة سامة على رقبة العباد، فنسمع عن رجل أخذ وجه فتاة، ووضعه على جسم عارٍ تحته كلمات بذئية ليساوم تلك الفتاة، وإما أن ترصخ له أو يفضحها أمام العالم، والجميع متلهف لمثل هذه المشاهد، وبين عشية وضحاها تصبح الترند وحديث السوشيال ميديا.

ولم يعي هذا المجرم نتيجة جرمه ولم يكترث لهذه الفتاة ولا بالذنب الكبير الذي اقترفه، ولم يلتفت لسمعتها أو موقف أهلها من هذه الفعلة الشنيعة، التي اقل ما توصف به أنها وضاعة وسفالة.

غياب الدين

عندما يكون الشغل الشاغل للأباء هو المنزل والسيارة والحسابات في البنوك، حتما سيغيب الدين عن المشهد، ولم يظهر منه سوى رتوش تلطخ الجدران. هذه الجدران التي تتلهف لدفء الأسرة ولمة العائلة.

فالكل يسير في دائرة مغلقة، ليس لها مخرج بسبب متطلبات الحياة وغلاء المعيشة، واستغنى كل منا عن القواعد والأساسيات التي من شأنها تربية جيل ناضج يعلم ما له وما عليه.

وسائل الفواصل الاجتماعية

أجل، هذا هو وصفها الحقيقي، فهي ساهمت بشكل كبير في انفصال الأسرة التي تعيش في منزل واحد، فنجد كل فرد من هذه الأسرة يعيش في عالم افتراضي، يبحلق في الشاشة طيلة الوقت، ولم يبادر أحد منهم بالحديث.

واكتفى كل بعالمه الذي يسكن بداخله، سجين شاشة صغيرة يتحدث في مجتمع النميمة الكبير، الذي بات ساحة للتنافس الشرس على الترند وجني المزيد من الأموال.

وأضحت وسائل الفواصل الاجتماعية، هي السبب الأساسي وراء تغير شكل الجريمة، ووصول المجرمين للابتكار في ارتكاب الجرائم والتسويق لها.

ما هي الحلول

تكمن الحلول في الرجوع إلى ترسيخ المبادئ وزرع القيم قبل فوات الأوان، وتعليم الجيل الجديد للحلال والحرام، والسيطرة على وسائل التواصل بسن قوانين جديدة.

تجرم التشهير والتصوير المستباح، وتفرض أقصى العقوبات على المخالفين، وعودة الوالدين لأبنائهم بعد غياب، وتفعيل دور التوعية المجتمعية في كل الأرجاء.

آمال أحمد

يأسرني عالم الترجمة وقضيت حياتي أحلم بأن أكون جزء من هذا العالم الساحر الذي اطلقت لنفسي فيه العنان لأرفرف بأجنحتي في سماء كل مجال، وأنقل للقارئ أفكار وأحداث من كل مكان على أرض المعمورة مع مراعاة أفكاره وعاداته وثقافته بطبيعة الحال، وفي مجال الترجمة الصحفية وجدت نفسي العاشقة للتغيير والمتوقة للإبداع والتميز.. من هنا سأعمل جاهدة على تلبية كل احتياجاتك ومساعدتك على تربية ابنائك وظهورك بالشكل الذي يليق بك ومتابعة الأخبار التي تهمك واتمنى أن أكون عند حسن ظنك.
زر الذهاب إلى الأعلى