منذ بداية العالم وضُخ دم البشرية في عروق الحياة، خرجت للدنيا حضارة تعد عالما قائما بذاته، غيرت مجرى التاريخ ورسمت ملامح عظمتها على وجه الزمن، وكنا وما زلنا وسنظل نفخر بها حتى النهاية، ودائما نكون غواص في بحر الحضارة المصرية القديمة.
نبذة عن سلسلة غواص في بحر الحضارة المصرية القديمة
لمن يتابعنا للمرة الأولى، نعرفكم بهذه السلسلة من حلقات غواص في بحر الحضارة المصرية القديمة، فقد قررنا في الداديز أن نعرف الجيل الجديد ونذكر بقية الأجيال بهذه الحضارة العريقة الخالدة.
فتحدثنا منذ البداية أي قبل أن يحفر المصري القديم مكانته بين البشر، وينطلق لأعنان السماء معلنا عن بداية ليس لها نهاية، من عبقرية وتحدٍ وقدرة على الإبداع لم يعرف لها العالم سر بعد، وقررنا أن نأخذ دور غواص في بحر الحضارة المصرية القديمة وننزل إلى الأعماق.
نستكمل اليوم الحديث عن الأسر المصرية القديمة في حلقة جديدة من غواص في بحر الحضارة المصرية القديمة، ونستعرض تاريخ الأسرة الثالثة والعشرون.
الأسره المصريه الثالثة والعشرون 828-712 ق.م.
كانت تتألف من مجموعة من الملوك المتعاصرين (عاصروا نهاية ملوك الاسره المصريه الثانية والعشرين) حكموا فى مناطق مختلفة وتواريخهم موضع خلاف ومن أشهرهم:
تاكيلوت التانى: 840 ق.م. – 815 ق.م. خلف بيدوباست الاول فى طيبة وحكم مصر العليا
بيدوباست الاول: 829 ق.م. – 804 ق.م. تم تنصيبه ملكا في طيبة السنه الحادية عشر من حكم تاكيلوت التانى أشعل حربا أهلية بينه وبين فريق الملك تاكيلوت التانى وابنه ولى عهده أوسركون.
شوشنق السادس: غير مؤكد خلف بيدوباست الاول فى طيبة وحكم مصر العليا
اوسركون الثالث: غير مؤكد أوسركون الثالث سى إس مرى آمون كان كبير كهنة آمون
تاكيلوت الثالث: غير مؤكد
رود امون: غير مؤكد
اينى: غير مؤكد.
جدل حول الأسرة الثالثة والعشرون
هناك الكثير من الجدل حول هذه الأسرة، والتي ربما كانت موجودة في هركليوپوليس ماگنا والأشمونين، وطيبة. يتضح من خلال آثار الأسرة أنها كانت تحكم مصر العليا بالتوازي مع الأسرة الثانية والعشرين، قبيل وفاة أوسركون الثاني.
ويوجد رسم في الجزء العلوي من نصب النصر للفرعون پييى. يوضح القرص في القمة تصور پييى يتلقى فروض الطاعة من مختلف حكام مصر السفلى، والنصف السفلي يصف غزوه الناجح لمصر. وبينما يعود النصب نفسه إلى عهد پييى في الأسرة الخامسة والعشرين، فإنه يصف أحداثاً من الأسرة الثالثة والعشرين كذلك.
بينما تعتبر الأسرة الثالثة والعشرون أسرة تانيسية، حيث ترجع بأصولها إلى مدينة تانيس، فإنها لم تحكم من هناك. أتت الأسرة الثانية والعشرون من تل بسطة، واستولت على تانيس ومنف وتمكنت من الإبقاء على هذه المدن حتى نهاية عهدها تقريباً. نتيجة لذلك، فإن الأسرة الثالثة والعشرون، التي كانت إلى حد ما فرعاً من الأسرة الثانية والعشرين، نشأت من تانيس.
بدلاً من ذلك، كما ذكر أعلاه، يجادل معظم المؤرخين بأنهم استخدموا ليونتوپوليس كعاصمة لهم، تأكد ذلك من خلال مسلة پيعنخي، والتي تحدد مقر حكم إيوپوت الثاني في ليونتوپوليس. مع ذلك، يزعم بعض المؤرخين بأنه لا ينبغي اعتبار إيوپوت الثاني من ملوك الأسرة الثالثة والعشرون على الإطلاق؛ لأنه لا يوجد دليل مؤكد على أن الأسرة الثالثة والعشرون حكمت من ليونتوپوليس، لمجرد أن إيوپوت الثاني حكم من مكان ما في الدلتا.
وإذا كان إيوپوت الثاني هو الرابط الوحيد بين الأسرة الثالثة والعشرون وليونتوپوليس، فإن وجهة النظر هذه ستتجاهل نصب پيعنخي كدليل أن ليونتوپوليس كانت عاصمة الأسرة الثالثة والعشرون.
وهناك سبب آخر لوجود الكثير من الجدل وهو أنه إلى جانب النزاعات التي كانت قائمة بين مصر السفلى ومصر العليا، كانت هناك أيضاً صراعات في الدلتا نفسها. جزء من هذه الصراعات كانت صراعات خلافة، ولكن جزءاً آخر منها كان مع كبار كهنة آمن، الذين حكموا مصر العليا لفترة طويلة في عهد الأسرة الحادية والعشرين، على الرغم من عدم اعتبارهم أسرة منفصلة (ومع ذلك، أصبح بعضهم فرعوناً كجزء من أسرة حاكمة، مثل پسوسنـِّس الأول).
على الرغم من تراجع قوتهم بعد الأسرة الحادية والعشرين، إلا أن كبار كهنة آمون ظلوا أقوياء وذوي نفوذ، ولم تكن الزيجات بالعائلة المالكة أمراً غير معتاداً. نتيجة لذلك، تتداخل عدة عهود ضمن الأسرة الثالثة والعشرين، وكذلك بين الأسرة الثانية والعشرين والثالثة والعشرين. ويرجع ذلك إلى أن بعض أعضاء الأسرة الثالثة والعشرين حكموا كملوك مستقلين (مثل حرسيسي آ).
وكأسرة منفصلة بعد وفاة اوسركون الثاني (من الأسرة الثانية والعشرين). هذا ويزعم بعض المؤرخين أن الأسرة الثالثة والعشرون قد بدأت بحكم تاكيلوت الثاني، وتعتبر پدوباست الأول (الذي عاش لفترة قصيرة) جزءاً مستقلاً من هذه الاسرة. ويعتبر آخرون أن خط تاكيلوت الثاني جزءاً مستقلاً من الأسرة الثانية والعشرين، وتعتبر خط پدوباست الأول قصير العمر هو الأسرة الثالثة والعشرون.
شوشنق الثالث على السطلة
بينما ساعد هذا في حل النزاع مع أهالي طيبة، لقبولهم بشوشنق ملكاً، فقد أشعل نزاعاً جديداً، بدلاً من أن يكون نزاعاً بين العائلات المالكة، كان هذا النزاع داخل العائلة المالكة نفسها. بأن أعلن الأمير پدوباست نفسه ملكاً، وحكم من ليونتوپوليس، بالتزامن مع شوشنق الثالث.
بينما اغتصب شوشنق الثالث العرش من الأمير اوسركون، فقد أعاد شوشنق تعيينه كبيراً لكهنة آمون. ولأن حرسيسي هو من أشعل الثورة المذكورة في طيبة، فقد اختفى في السنة التاسعة والعشرين من عهد شوشنق الثالث، وسيطر الأمير اوسركون فعلياً على صعيد مصر لمدة عقد تقريباً ككبير لكهنة آمون.
في الوقت نفسه، كان شوشنق الثالث ولا زال أكثر قوة عن الملوك في ليونتوپوليس. بحلول ذلك الوقت، كان پدوباست وابنه إيوپوت، الذي عينه كوصي مشارك، قد توفي بالفعل، وعلى ما يبدو في العام نفسه (804 ق.م.). وخلف شوشنق الرابع پدوباست الأول، لكن ليس لفترة طويلة حيث خلفه اوسركون بعد ستة أعوام باسم اوسركون الثالث، الذي حكم بالتزامن مع شوشنق الثالث في آخر سنوات عهده.
في هركليوپوليس كان ملك الأسرة الثانية والعشرين لا زال في السلطة باسم شوشنق الخامس، حوالي عام 766 ق.م. ومع ذلك، فقد نصب اوسركون الثالث أكبر أبناؤه تايكلوت هناك، كما سمح له في الوقت نفسه أن يكون كبير كهنة آمون. نتيجة لذلك، انخفض حكم الأسرة الثانية والعشرين في طيبة بشكل كبير. عندما توفي اوسركون الثالث، كان تاكليوت شريكاً لوالده في الحكم بالفعل، وأصبح الآن الحاكم الوحيد.
تخلى تاكيلوت الثالث عن دوره ككبير لكهنة آمونعندما أصبح فرعوناً، ويبدو أن أخته، Shepenwepet I، قد تولت هذا الدور، وعُينت أيضاً المتعبدة الإلهية لآمون. نتيجة لذلك، فقد بسطت سيطرتها على منطقة طيبة إلى جانب أخيها.
تخلى تاكيلوت الثالث عن حكم هركليوپوليس، الذي تزوج من ابنة رود آمون وهو شقيق تاكيلوت. ثم خلف رود آمون أخيه تاكيلوت الثالث، لكن بعد فترة وجيزة خلفه إيوپوت الثاني (يُعرف أيضاً باسم إني). في عهده انقسم الحكم مرة أخرى، حيث كان ناميلوت، حاكماً لهرموپوليس، ويحمل لقبا ملكيا. ولم يحكم رود آمون وإيوپوت الثاني سوى طيبة في المرحلة الأخيرة من الأسرة الثالثة والعشرون، حيث قام پيعنخي، ملك نپاتا، بوضع نهاية لما عُرف بـ”الفوضى الليبية.
إلى هنا نصل لنهاية هذه الحلقة من حلقات غواص في بحر الحضارة المصرية القديمة، وعلى وعد بلقاء الأسبوع القادم.
المصدر: مروة مصطفى