منذ بداية العالم وضُخ دم البشرية في عروق الحياة، خرجت للدنيا حضارة تعد عالما قائما بذاته، غيرت مجرى التاريخ ورسمت ملامح عظمتها على وجه الزمن، وكنا وما زلنا وسنظل نفخر بها حتى النهاية، ودائما نكون غواص في بحر الحضارة المصرية القديمة.
نبذة عن سلسلة غواص في بحر الحضارة المصرية القديمة
لمن يتابعنا للمرة الأولى، نعرفكم بهذه السلسلة من حلقات غواص في بحر الحضارة المصرية القديمة، فقد قررنا في الداديز أن نعرف الجيل الجديد ونذكر بقية الأجيال بهذه الحضارة العريقة الخالدة.
فتحدثنا منذ البداية أي قبل أن يحفر المصري القديم مكانته بين البشر، وينطلق لأعنان السماء معلنا عن بداية ليس لها نهاية، من عبقرية وتحدٍ وقدرة على الإبداع لم يعرف لها العالم سر بعد، وقررنا أن نأخذ دور غواص في بحر الحضارة المصرية القديمة وننزل إلى الأعماق.
وعرفنا معنى كلمة مصر وسبب تسميتها ومعنى المصطلحات المصرية القديمة، وكيف قرر المصري القديم أن ينشأ امبراطورية حقيقية تديرها حكومة مركزية، وأن يأسس جيشا قويا يردع بقوته كل طامع وغاصب.
كما تحدثنا عن تفاصيل الأسر المصرية حتى الأسرة السادسة وعرفنا ملوكها وملكاتها، واليوم نستكمل معكم هذه الحلقات من غواص في بحر الحضارة المصرية القديمة، ونتحدث اليوم عن الأسرة الحادية عشر.
عندما بحثنا عن تاريخ الأسرة الحادية عشر لنعرضه في هذه الحلقة من غواص في بحر الحضارة المصرية القديمة، وجدنا أن بداية التاريخ الأول لعصر الدولة الوسطى، بحكم أول حاكم في طيبة ويدعى انتف في طيبة ويبدأ التاريخ الثاني بتحقيق الوحدة السياسية للبلاد حيث اتحدت السلطة المركزية في مصر من جديد في أعقاب الفترة الطويلة من الاضطرابات وذلك بفضل حكام طيبة ومجهوداتهم وأهم ملوكها هو منتوحتب الثاني موحد مصر مرة أخرى.
الأسرة الحادية عشر
ظل “الأمير الحاكم” أنتف بن إكو الجد الأكبر لملوك الأسرة الحادية عشرة مبجلا بأسلافه، فقد كان معاصرا لآخر ملوك الأسرة الثامنة عمل “أنتف” على بث مشاعر الطموح في أجواء منطقة كانت تغط في غياهب الضياع. وأثناء الأسرة التاسعة كونت طيبة مع قفط كيانا وجبهة واحدة مما دفع عنخ تيفي أحد السادة الطغاة في أقصى الجنوب إلى مجابهته دون أن يفلح في الإطاحة به. بل على العكس من ذلك ازدادت قوة ونفوذ طيبة تحت حكم منتوحوتب و إنتف إلى درجة أن نصب هذا الأخير نفسه ملكا مصريا أو فرعونا.
كما رقي الآخر فيما بعد إلى تلك المرتبة العليا وأصبح أول ملوك الأسرة الحادية عشرة، على الرغم من أنه لم يكن قد اعتلى العرش بالفعل فقد كانت هذه الأسرة بوجه عام هراكليوبوليس كانت تسيطر على الدلتا وجزء من مصر الوسطى. بينما تعد المنطقة التي تشمل ثنى وأبيدوس التي كانت تغزوها الأسرتان وتخسرانها على التوالي، تعد بمثابة منطقة حدود .
غير أن تلك العداوة لم تستمر دون انقطاع. فقد أوصى أحد فراعنة هراكليوبوليس ابنه مري كارع بانتهاج سياسة التعايش السلمي، والحق أنها كانت نصيحة حميدة، لكنا غير مجدية أما الطموح الطيبي الجامح الذي لا يقهر ، والذي استطاع في نهاية المطاف أن يحرز نصرا مؤزرا على أسرة هراكليوبوليس، وأن يعيد توحيد مصر خلال حكم الملك منتوحتب الثاني في تاريخ غير مؤكد (ربما عام 2023 ق.م).
ومنذ ذلك الحين، استحوذت الأسرة الحادية عشرة على الموارد الطبيعية وكذا الثقافية، التي سمحت لها باستئناف السياسة التقليدية لكبار الفراعنة: من إرسال بعثات إلى المناجم والمحاجر ، ومصادر التجارة الخارجية، وترميم وإصلاح المعابد، وتشييد المباني الجنائزية على أوسع نطاق.
إلا أنه بمجرد أن تمكنت الأسرة الحادية عشرة من إزاحة غريمتها المنافسة وهي أسرة هراكليوبوليس، حتى فوجئت على حين غرة ومن داخل طبقتها الحاكمة ، بظهور من يطالب بأحفيته في الحكم، ألا وهو المدعو أمنمحات وزير الملك منتوحوتب الرابع، الذي استغل ضعف الفرعون، وأمسك بمقاليد الحكم، إثر اشتعال حرب أهلية .
الإسم – اللقب | فترة الحكم | تعليقات |
---|---|---|
منتوحوتپ الأول | 2125 ق.م. – ?? | تـِپي آ “عميد العائلة” |
سـِحـِر تاوي – إنتف الأول | ?? – 2112 ق.م. | – |
وح عنخ – إنتف الثاني | 2112 ق.م. – 2063 ق.م. | – |
ناخت نب تپ نفر – إنتف الثالث | 2063 ق.م. – 2055 ق.م. | – |
نب حـِتـِپ رع – منتوحوتپ الثاني | 2055 ق.م. – 2004 ق.م. | – |
سا عنخ كا رع – منتوحوتپ الثالث | 2004 ق.م. – 1992 ق.م. | – |
نب تاوى رع – منتوحوتپ الرابع | 1992 ق.م. – 1985 ق.م. | – |
في الواقع كان قد استمتع الملك منتوحتب الأول بامتلاكه قدر كافي من كلا من التقديس والاكبار وذلك عند معاصريه ومعهم حلفائهم من الحكام في فترة حكم الأسرة المصرية الحادية عشر.
حتى انهم بذلك حاولوا ان يرددوا شهرته ويجعلوها باقية حتى بعد وفاته بقرون طويلة، سواء كان عن طريق شهرة معبده الكبير الفخم احد المعابد الجنائزية الذي كان قد بناه في غرب مدينة طيبة، أو عن طريق ذكر محاسن فترة حكمه وذلك تقديرًا لجهوده التي استغلها في إعادة الحكم ووحدة البلاد كذلك.
المنهج الذي اتبعوه في الحكم
كان قد نهجت الأسرة المصرية الحادية عشر في سياسة حكمه الداخلية للبلاد منهاجًا محددا من قبل أو مرسومًا وبدء تكوين الحياة الاجتماعية في مصر القديمة، كان قد اتبعه بعض ذلك خلفائهم الذين تولوا الحكم من بعدهم.
وحاول ملوك الأسرة المصرية الحادية عشر في هذا المنهاج أن يقوم كل تركيز سلطان الحكم في البلاد، في كيفية تطوير عاصمته وأن يحد في نفس الوقت من السلطات التي تخص الحكام في الأقاليم الأخرى، كلما تيسر ذلك الحد منها.
كما نجح ملوك الأسرة المصرية الحادية عشر ومعهم في ذلك بعض من حلفائهم فيما كانت قد أرادوه بالفعل إلى حد كبير، فديو غليه اختفى لقب حاكم الإقليم العظيم تماما من البلاد وغيره من مختلف تلك النعوت الضخمة التي كان قد انتحالها الحكام في الأقاليم من قبل لأنفسهم في خلال عصر اللامركزية الأولى.
نهاية حكم ملوك الأسرة المصرية الحادية عشر
تعاقب على عرش البلاد في مصر في نهاية حكم الاسرة ١١ على مصر بضعة من الملوك، وكانوا لا يقل الخلاف بينهم حول ما كان يحدث بين أوائل الملوك في الأسرة الحادية عشرة وألقابهم.
وكانت عدد من أسمائهم المؤكدة التي تم التأكد منها من التاريخ القديم، هي الملك منتوحتب الأول والملك منتوحتب الرابع.
كما أن يذكر أمر هام ينضم إلى سياسة الحكم في خلال فترات عهودهم في البلاد، وهي تتويج الملوك واشتراك بين الأولياء الملوك وبين عهودهم معهم في تولي الحكم في البلاد، وذلك رغبة منهم في أن يكتسبوا كل تلك الخبرة الكبيرة فيه ومن ثم يضمنوا وجود ولاء مل من حولهم من الأنصار قبل أن ينفردوا بالحكم.
إلى هنا ننتهي من سرد قصة الأسرة المصرية الحادية عشر، ونختم هذه الحلقة من حلقات غواص في بحر الحضارة المصرية القديمة، وعلى وعد بلقاء جديد الأسبوع القادم.
المصدر: مروة مصطفى