نتحدث اليوم عن موضوع شائك لطالما ألقى بظلاله القاتمة على حياتنا، وضرب بمعاني الإنسانية عرض الحائط وانتهك بوقاحة كل ما هو مقدس، ونطرح هذه المسألة للنقاش، ونعرف من هو نباش القبور، هل هو حيوان أم إنسان يأخذ من دخول القبور وسرقة أكفان الموتى مهنة يعيش عليها ويبني منها مستقبله أو بالأحرى يبيع بها أخرته.
عندما نقرأ عن نباش القبور، نجد من يصفه بأنه حيوان، تنوعت اوصافه بين الناس فالبعض يصفه بأنه يشبه الذئب أو الثعلب أو الكلب ويتمتع بصفاتهما ويشبههما في الشكل، ويتميز بسرعته وسواد اللون وأذنيه كأذني الثعالب وقدميه الأمامية قصيرة عن الخلفية ويتميز بالذكاء والمكر وعدم الخوف من البشر، إضافة إلى قدرته الكبيرة على الإختباء والترصد وتجمع بين صفات الكلب والذئب.
نباش القبور أسطورة شعبية
لطالما سادت الاعتقادات الشعبية التي تؤكد أن حيوان”نباش القبور” لا يتغذى إلا على الجثث الطازجة، ويفضل تجنب الجثث المتعفّنة، ما يجعل البعض يعتقد أنه يفضل الجثث التي لم يمر عليها أكثر من 10 أيام كحد أقصى. وبحسب أراء بعض العلماء: “هذا الاعتقاد لا أصل له، بل هو من الخرافات، وليس هناك طائر، ولا غير طائر يقصد القبور لنبش الموتى، ولكنه خرافة من خرافات العامة وأشباه العامة، وقد شرع الله لنا تعميق القبور، ثم يوضع اللبن على لحد الميت ثم يدفن، وبذلك ينتهي المشكل، ولا يضره شيء، والحمد لله، وهذه الخرافة لا أساس لها”.
وعليه، فالحيوان بريء من تهمة نبش القبور براءة الذئب من دم ابن يعقوب، أما الإنسان فاتخذ من هذه الجريمة النكراء مهنة له، وسمح لنفسه دخول القبور في عتمة الليل، يقلب الميت يمينًا ويسارًا عله يجد ما يقتنيه من مجوهرات، وفي حال لم يجد ما يسرقه، جرده من كفنه ليبيعه وكأن هذا الكفن حق للحي وليس للميت ليواري به عورته.
نبش القبور مهنة قديمة
إن نهب القبور، أو ما يُعرَف بسرقتها، أو الإغارة عليها يعني نبش القبور أو السراديب؛ لسرقة المصنوعات اليدوية أو الممتلكات الشخصية التي تحتوي عليها. ومن يرتكب هذا الجُرم يُعرف بسارق القبور أو نابش المقابر. ومن الأعمال المرتبطة بذلك أيضًا سرقة الجثث، وتتمثل في نبش القبور بهدف سرقة جثث الموتى وبيعها لتجار الأعضاء.
في هذا الصدد حدث ولا حرج، فتجارة الأعضاء جريمة أخرى لا تقل بشاعة عن نبش القبور، فهؤلاء المجرمون الذين يبحيون لأنفسهم استخراج الجثث بعد دفنها؛ ليتم تقطيعها ومن ثم بيعها، وكأن الميت سلعة تباع وتشترى وليس لها حقوق تذكر على الأقل الحق الأدبي والإنساني.
نباش القبور وتجار الأعضاء
هل جلس نباش القبور وتاجر الأعضاء في جلسة سرية وكان الشيطان ثالثهما، يتفقان ويعقدان العزم ويبيتان النية على أن يقوم أحدهما بفتح القبر وتعرية جثة الميت من كفنه ليباع في سوق الموت، ثم يتسلمه تاجر الأعضاء ويقطعه إربًا؛ ليبيعه سلعة لها ثمن بحسب حالتها، فالجثة الكاملة تباع بأغلى الأثمان، أما الناقصة فسعرها يقل كلما قل عدد الأعضاء.
وامتدت جلسة الشيطان لتصبح بمرور الوقت سوقًا رائجًا لتجارة الأعضاء، وانتشرت لتجتاح العالم أجمع والضحية جثة ميت ليس له حول ولا قوة، واليوم نسمع عنها داخل الدارك ويب، حيث باتت جريمة مكتملة الأركان بالصوت والصورة، والضحية دائمًا إنسان سواء يبحث عن المال أو الانتقام وكلاهما من شياطين الأنس، وهم أشد خطورة على الإنسانية من شياطين الجن.
سرقة التاريخ
في الماضي السحيق، انتشرت هناك في مصر القديمة مهنة نباش القبور، فهو يعلم علم اليقين أن مقابر الملوك كنز يذخر بالذهب والمجوهرات، قد نعطي الحق لهذا اللص لكن على استحياء، فهو ينتهك حرمة الموتى وقدسية الموت مقابل الذهب والفضة، لكنه لم يجرؤ على خلع رداء الملك المحنط ليبيعه في الأسواق.
من ناحية أخرى، أسفر نهب القبور عن صعوبة كبيرة في دراسة الآثار، وتاريخ الفنون والتاريخ. فتعرض عدد لا حصر له من القبور ومواقع الدفن المهمة للسرقة قبل أن يتمكن الباحثون من فحصها. وفي هذه الحالة، يتعرض السياق الأثري والمعلومات التاريخية والأنثربولوجية للتخريب.
وفقا للتعريف العلمي لنباش القبور الأثرية في العصر الحديث، فهم عادةً أفرادًا منخفضي الدخل. ويبيع هؤلاء السارقون ما يحصلون عليه من سلع في السوق السوداء. وبالرغم من أن بعض المصنوعات اليدوية المنهوبة تصل إلى المتاحف أو الباحثين، فإن أغلبها ينتهي به الحال في مجموعات الاقتناء الخاص لتجار التاريخ.
تُعَد القبور المصرية القديمة أحد أبرز الأمثلة على نهب المقابر. فتعرضت أغلب المقابر الموجودة في وادي الملوك في مصر للسرقة على مدار مائة عام (بما في ذلك مقبرة الملك الشهير توت عنخ أمون التي نُهبِت مرتين على الأقل قبل اكتشافها في عام 1922).
ونظرًا لأن أغلب المصنوعات اليدوية الموجودة في هذه المقابر قد تم اكتشافها، فإن ما تمكن من خلاله المؤرخون وعلماء الآثار من تحديد ما إذا كانت المقابر قد نُهِبت أم لا هو حالة هذه المقابر والأشياء التي من المفترض أنها اختفت منها. وقد كان المصريين القدماء يحتفظون غالبًا بسجلات للأشياء الثمينة التي تحتوي عليها مقابرهم، وبالتالي من المفترض أن يجري علماء الآثار جردًا باستخدام هذه السجلات. وكانوا يتركون أيضًا في مقابرهم تحذيرات من الكوارث واللعنات التي قد تصيب أي شخص يلمس ما بها من كنوز أو موتى، وإن لم ينجح ذلك في إثناء أيٍ من ناهبي القبور عن جرائمهم.
وتطورت مهنة نباش القبور من سرقة مقابر الملوك، إلى نبش القبور بغرض تجريد الميت من كفنه وبيعه في سوق الموت، ثم الإتجار بالأعضاء وبيع جسد الميت قطعا لمن يدفع أكثر، وسواء كانت السرقة بغرض بيع الكفن أو الأعضاء تظل مهنة لها موظفين ومدراء وفريق عمل، يعبث في الأرض ويسكن القبور ويتابع عملية الدفن بشكل يومي، ثم يعطي الإشارة إلى نظرائه من المجرمين ليقوموا بدورهم المعهود.