منذ بداية العالم وضُخ دم البشرية في عروق الحياة، خرجت للدنيا حضارة تعد عالما قائما بذاته، غيرت مجرى التاريخ ورسمت ملامح عظمتها على وجه الزمن، وكنا وما زلنا وسنظل نفخر بها حتى النهاية، ودائما نكون غواص في بحر الحضارة المصرية القديمة.
نبذة عن سلسلة غواص في بحر الحضارة المصرية القديمة
لمن يتابعنا للمرة الأولى، نعرفكم بهذه السلسلة من حلقات غواص في بحر الحضارة المصرية القديمة، فقد قررنا في الداديز أن نعرف الجيل الجديد ونذكر بقية الأجيال بهذه الحضارة العريقة الخالدة.
فتحدثنا منذ البداية أي قبل أن يحفر المصري القديم مكانته بين البشر، وينطلق لأعنان السماء معلنا عن بداية ليس لها نهاية، من عبقرية وتحدٍ وقدرة على الإبداع لم يعرف لها العالم سر بعد، وقررنا أن نأخذ دور غواص في بحر الحضارة المصرية القديمة وننزل إلى الأعماق.
نستكمل اليوم الحديث عن الأسر المصرية القديمة في حلقة جديدة من غواص في بحر الحضارة المصرية القديمة، ونستعرض تاريخ الأسرة التاسعة عشرة.
الأسرة المصرية التاسعة عشرة
نبدأ حديثنا عن الأسرة الـ 19 في هذه الحلقة من غواص في بحر الحضارة المصرية القديمة، ونوضح أن كان عهد ملوك الأسرة التاسعة عشرة بداية عصر جديد في تاريخ الأمة المصرية من الوجهتين السياسية والدينية، كما كان كذلك عهد رخاء وإصلاح داخلي من ناحية الإدارة والعمارة.
فقد رأينا في هذه الحلقة من غواص في بحر الحضارة المصرية القديمة، أن الفرعون «حور محب» آخر ملوك الأسرة الثامنة عشرة قد أعاد للبلاد ديانتها الأصلية، كما استرد لها بعض مكانتها السياسية بإخضاع بلاد النوبة ثانية للحكم المصري، وبالانتصارات التي أحرزها على أقوام البدو و«خيتا» الذين كانوا قد أغاروا على أملاك مصر في سوريا وفلسطين.
هذا إلى أنه وطَّد أركان السلام في داخلية البلاد بسنِّ القوانين التي أصبحت فيما بعد مضرب الأمثال؛ ومما يؤسف له أن هذا العاهل العظيم لم يكن في مقدوره أن يسترد للبلاد مكانتها الأصلية في آسيا، وقد ترك ذلك لأخلافه من بعده، غير أنه لم يعقب من يرث الملك من نسله؛ فخلفه أحد قواده.
والواقع أن ما لدينا من المصادر التاريخية في سلسلة حلقات غواص في بحر الحضارة المصرية القديمة، عن وراثة العرش بعد «حور محب» أحيط بحجاب كثيف من الغموض والإبهام، وبخاصة عندما نعلم أن ما وصل إلينا عن طريق الكتَّاب القدامى من مؤرِّخي العصر اليوناني الإغريقي يتناقض مع ما تستنبطه من الآثار الباقية لنا من هذا العصر؛ ولذلك تعترض المؤرِّخ عندما يتناول درس تاريخ الأسرة التاسعة عشرة مسألتان؛ أولاهما: من أول ملوك هذه الأسرة؟ والثانية: إلى أي بيت يُنسب هذا الملك، وبأي حق استوى على عرش مصر؟.
والجواب عن السؤال الأول ينحصر في رأيين؛ أولهما: أن بعض المؤرخين، ومن بينهم الأستاذ «برستد» يظن أن هذه الأسرة تبتدئ بالفرعون «حور محب». والرأي الثاني: ما يزعمه البعض الآخر من المؤرخين، ومن بينهم الأستاذ «أدورد مير»، والأستاذ «فلندرز بتري» من أن «حور محب» كان آخر ملوك الأسرة الثامنة عشرة، وأن أول ملوك الأسرة التاسعة عشرة هو الفرعون «رعمسيس الأول»، وهذا الرأي الأخير هو المرجح وقد اتبعناه. غير أن ما وصل إلينا من التقاليد التي نقلها لنا كتاب الإغريق، وغيرهم لا يتفق مع هذا الرأي.
والواقع أن ما جاء في قائمة «مانيتون»، وما ذُكر في مختصر «أفريكانوس»، ومختصر «يوزيب» يبدو قلقًا عند هذه النقطة، يضاف إلى كل ذلك أن «يوسفس» المؤرخ اليهودي يبتدئ الأسرة التاسعة عشرة بالملك «سيتي الأول». ولا نزاع في أننا إذا نظرنا إلى هذا الموضوع من الوجهة التاريخية ظهر لنا بطبيعة الحال وجوب أن يكون «حور محب» هو الحد الفاصل بين الأسرتين الثامنة عشرة والتاسعة عشرة؛ إذ إن الحقيقة لا مراء فيها هي أن نسل الذكور في ملوك الأسرة الثامنة عشرة كان قد انقطع حبله بموت الملك الشاب «توت عنخ آمون».
إذ إنه قُضِيَ دون أن يعقب ذكرًا، ومن أجل ذلك خلفه على عرش الملك الفرعون «آي» أقوى رجل في البلاد وقتئذ، وقد عزز اعتلاءه عرش المُلك زواجه من أرملة «توت عنخ آمون»، وقد خلف «آي» القائد «حور محب» الذي يُعد بلا نزاع الممهد الأول لبناء ملك الأسرة التاسعة عشرة؛ لما قام به من إصلاحات عظيمة، كان الغرض منها إقالة مصر من عثرتها، وإنعاشها من رقدتها، وإنهاضها من كبوتها التي جرَّها عليها «إخناتون» بسوء سياسته داخل البلاد وخارجها.
قد قُضِيَ دون أن يترك خلفًا على عرش الكنانة؛ ويدل ما قام به قبل موته على أنه كان يشعر بذلك قد هيأ الأمور لوزيره وقائد جيشه المسمى «بارعمسيس» ليخلفه على أريكة البلاد وفقًا لسياسة اختطت من قبل، ثم خلف «رعمسيس» هذا بدوره ابنه «سيتي الأول»، ومن ثم تعاقب الملك أخلافه من ظهره قرنًا ونصف قرن من الزمان. ومن بعض المؤرخين الذي رأى أن «رعمسيس الأول» على رأس ملوك الأسرة التاسعة عشرة، وقد أخذنا بهذا الرأي؛ لأنه على ما يظهر هو الرأي الصواب.
أما الجواب عن المسألة الثانية، وهي البيت الذي يُنسب إليه ملوك هذه الأسرة فنجد الإجابة عنه قد وردت في متن لوحة أربعمائة السنة التي عُثر عليها في «تانيس»، هذا بالإضافة إلى أن أسماء أعضاء الأسرة المالكة الجديدة قد ركبت تركيبًا مزجيًّا مع اسم الإله «ست» الذي كان يُعبد في «ستوريت»، وهي المقاطعة السادسة عشرة من مقاطعات الوجه البحري؛ مما يدل على أن أسرته نبتت من هذه الجهة.
أما شرعية اعتلاء «رعمسيس الأول» عرش مصر، فليس لدينا حتى الآن براهين معاصرة قاطعة تؤكد لنا هذا الحق، وكل ما لدينا في هذا الصدد بعض احتمالات منطقية يقبلها العقل، وتعززها النقوش إلى حد بعيد، وسنستعرضها هنا ليحكم عليها القارئ بما تستحق من منزلة تاريخية.
ملوك الأسرة التاسعة عشرة
رمسيس الأول
فترة الحكم في مصر القديمة: 1292–1290 ق.م
تاريخ الوفاة: 1290 ق.م
الام: الملكة تيو
الزوجة: الملكة سات رع
الابناء: الامير سيتي الأول
الاثار: تماثيل حجرية تدل على تطور النحت في مصر القديمة, مقبرة رمسيس الأول رقم ١٦ في مقابر وادي الملوك, قاعة الأساطين الكبرى ضمن مجمع معبد الكرنك.
الملك سيتي الأول او ماعت رع
فترة الحكم: 1290–1279 ق.م
تاريخ الوفاة: 1279 ق.م
الاب: الملك رمسيس الأول
الام: الملكة سات رع
الزوجة: الملكة تويا
الابناء: الامير تيا، الامير رمسيس الثاني، الاميرة حنوت مي رع
الاثار: معبد ابيدوس بسوهاج ويدل على تطور فنون العمارة في مصر القديمة وتماثيل حجرية, مقبرة سيتي الأول رقم ١٧ بوادي الملوك, معبد سيتي الأول.
الملك رمسيس الثاني
فترة الحكم: 1279–1213 ق.م
مدة الحكم في الأسرة المصرية التاسعة عشر: ٧٨ عاما.
تاريخ الميلاد: 1311 ق.م
تاريخ الوفاة: 1213 ق.م
الاب: الملك سيتي الأول
الام: الملكة تويا
الزوجة: الملكة نفرتاري، إست نفرت، مات نفرو رع، الملكة ميريت آمون، بنت عنتا، نبت تاوي، حنوت مي رع
الابناء: الامير آمون حور خبشف, الأمير رمسيس, خعمواس, مرنبتاح, ميري آتوم, بنت عنتا, ميرت آمون, نبت تاوي
الاثار: تماثيل حجرية، مسلات الفراعنة الخاصة بالملك رمسيس الثاني, مقبرة الملك رمسيس الثاني رقم ٧ بوادي الملوك, معبد أبو سمبل باسوان, مسلة في معبد الأقصر, معبد الرامسيوم.
الملك مرنبتاح
فترة الحكم: 1213–1203 ق.م
مدة الحكم: ١٠ اعوام.
تاريخ الميلاد: 1300 ق.م
تاريخ الوفاة: 1202 ق.م
الاب: الملك رمسيس الثاني
الام: الملكة إست نفرت
الزوجة: الملكة إست نفرت الثانية والملكة تاخعت
الابناء: الامير سيتي الثاني, الاميرة توسرت, الامير آمون مسس
الاثار: تماثيل حجرية, مقبرة مرنبتاح رقم ٨ بوادي الملوك, التابوت الفرعوني حجري ضخم من اشهر المعادن المصرية القديمة, معبد مرنبتاح الجنائزي.
الملك آمون مسس او أمنمسه
فترة الحكم: 1203–1200 ق.م
مدة الحكم: ٤ سنوات.
الاب: الملك مرنبتاح
الام: الملكة تاخعت
الزوجة: الملكة سبتاح
الاثار: تماثيل حجرية, مقبرة الملك آمن موسه رقم ١٠ بوادي الملوك.
الملك سيتي الثاني او سيثوس الثاني
فترة الحكم في الأسرة المصرية التاسعة عشر: 1203–1197 ق.م
تاريخ الوفاة: 1193 ق.م
الاب: الملك مرنبتاح
الام: الملكة إست نفرت الثانية
الزوجة: الملكة توسرت، الملكة تاخعت، الملكة تيا
الابناء: الامير سيتي مرنبتاح
الاثار: تماثيل حجرية, مقبرة سيتي الثاني رقم ١٥ بوادي الملوك, المسلة والباركيه ضريح سيتي الثاني بالكرنك، أقراط ذهبية، قطعة من الحجر الجيري منقوشة.
الملك سبتاح او آخن رع ستبن رع سبتاح أو مرنبتاح سبتاح
فترة الحكم: 1197–1191 ق.م
مدة الحكم: ٦ سنوات.
الاب: الملك سيتي الثاني
الاثار: تماثيل حجرية, مقبرة الملك سبتاح رقم ٤٧ بوادي الملوك.
الملكة توسرت
فترة الحكم في الأسرة المصرية التاسعة عشر: 1191–1190 ق.م
مدة الحكم: ٧ سنوات.
تاريخ الوفاة: 1189 ق.م
الاب: الملك مرنبتاح
الام: الملكة تاخعت
الزوج: الملك سيتي الثاني
تنتهي هنا تفاصيل الأسرة التاسعة عشرة، على وعد بلقاء قريب لنستكمل المسيرة في حلقات غواص في بحر الحضارة المصرية القديمة.
المصدر: مروة مصطفي