منوعات

غواص في بحر الحضارة المصرية القديمة.. الحلقة 24

الحضارة المصرية القديمة

منذ بداية العالم وضُخ دم البشرية في عروق الحياة، خرجت للدنيا حضارة تعد عالما قائما بذاته، غيرت مجرى التاريخ ورسمت ملامح عظمتها على وجه الزمن، وكنا وما زلنا وسنظل نفخر بها حتى النهاية، ودائما نكون غواص في بحر الحضارة المصرية القديمة. 

نبذة عن سلسلة غواص في بحر الحضارة المصرية القديمة

لمن يتابعنا للمرة الأولى، نعرفكم بهذه السلسلة من حلقات غواص في بحر الحضارة المصرية القديمة، فقد قررنا في الداديز أن نعرف الجيل الجديد ونذكر بقية الأجيال بهذه الحضارة العريقة الخالدة.

فتحدثنا منذ البداية أي قبل أن يحفر المصري القديم مكانته بين البشر، وينطلق لأعنان السماء معلنا عن بداية ليس لها نهاية، من عبقرية وتحدٍ وقدرة على الإبداع لم يعرف لها العالم سر بعد، وقررنا أن نأخذ دور غواص في بحر الحضارة المصرية القديمة وننزل إلى الأعماق.

نستكمل اليوم الحديث عن الأسر المصرية القديمة في حلقة جديدة من غواص في بحر الحضارة المصرية القديمة، ونستعرض تاريخ الأسرة الثانية والعشرين. 

غواص في بحر الحضارة المصرية القديمة

الأسرة الثانية والعشرون : من 950 إلي 730 ق. م

في خلال حكم الأسرة الحادية والعشرين تمكن الليبيون من بسط نفوذهم علي الوجه البحري بالهجرة السلمية وبزيادة الجنود الليبيين المرتزقة في الجيش المصري .

ومع زيادة ضعف دولة ملوك الأسرة 21 زاد نفوذ الليبيين حتى تمكن أحدهم من الاستيلاء علي السلطة لنفسه وهو “ششنق” وبذلك أسس حكم الأسرة الثانية والعشرين.

وملوك هذه الأسرة هم :

– ششنق الأول

– أو سركن الأول

– تا كلوت الأول

– أو سركن الثاني

– ششنق الثاني

– تاكلوت الثاني

– ششنق الثالث

– باماي

– ششنق الرابع .

بعد عام 950 ق.م.، تحول المُلك في مصر إلى أسرة من أصل أجنبي اختلف المؤرخين حول ماهيته. عرف ملوكها الأوائل أنفسهم بأنهم زعيم المشوش، وغالبا ما كانت تختصر إلى زعيم الما، ولكنها أحيانا ما كانت تكتب زعيم الأجانب، وهم سلالة القبائل الأجنبية التي كافح الملوك مرنبتاح ورعمس الثالث (أُسِرْماعِتْرَ عْمِرِ أمون) جاهدين لصدهم.

و مع هذا فلا يعتبر ملوك الأسرة الثانية والعشرين غزاة جدد، حيث أن أكثر النظريات شيوعا تقضي بأنهم من سلالة الأسرى وأحيانا مستوطنين متطوعين أعطوا حق الإقامة مقابل خدمتهم في الجندية. وربما يكون ما دفع القبائل الليبية للنزوح نحو وادي النيل مجاعة عمت موطنهم الأصلي.

وأيا كان السبب، فقد أصبح هؤلاء ذو نفوذ واندمجو في المجتمع المصري ووصلو للسلطة بشكل سلمي. مثل الهكسوس  من قبلهم كانوا حريصين على أن يظهروا بمظهر المصريين الأصليين، وإن كانت أسماؤهم الأجنبية تظهر حقيقتهم ” فأغلب أسماء ملوك هذه الأسرة سامية (أشورية أو سريانية أي عراقية.

مثل نمرود ومثل شُشِنْق وأُسُورقون وتَكِلوت ممن ولو المملكة في الأسرة الثانية والعشرين حسب مانتون والتي ضمنها بالإضافة إلى سابقي الذكر ستة ملوك آخرين غير معروفة أسماؤهم، حكموا مدة 120 عاما حسب أفريكانوس.

في المقابل، وجد علماء المصريات أن عليهم التمييز بين ما لا يقل عن خمسة ممن حملوا الاسم شُشِنْق، وأربعة أُسُورقون، وثلاثة تَكِلوت. وعموما فإن تاريخ هذه الحقبة مغرق في الغموض، وعلينا هنا – كما هي الحال غالبا – أن نكتفي بوصف أبرز شخصيات وأحداث الحقبة.

كانت العاصمة الرئيسية لهذه الأسرة في الشمال في الوجه البحري، في تانيس (الحجر) أو پرپاستت (بوباستيس\تل بسطا) إلا أن النفوذ الديني لكهنة أمون في طيبة كان لا يزال بلا منازع.

حقبة اضطرابات وصراعات

من ثم تأرجحت العلاقة بين الوجهين القبلي والبحري جيئة وذهابا بين العداوة والصداقة، وكانت هذه الحقبة الزمنية حقبة اضطرابات وصراعات وتمردات ليس لدى المؤرخين سوى النذر اليسير من المعلومات عنها، ومعظم ما نعرفه عنها نستمده من النقوش التي وجدت في معبد سرابيوم منف  الذي اكتشفه أوجوست ماريت عام 1850م.

حكَم فراعنة الأسرة الثانية والعشرين أرض الكنانة قرابة قرن وربع قرن من الزمان، وقد واجهتهم في خلال تلك المدة صعاب كثيرة خلقتها الحروب الداخلية التي قامت بين أهل البلاد والأجانب الذين استوطنوها، وقد اتخذ ملوك هذه الأسرة — كما ذكرنا من قبل — مقرهم الأخير في «تانيس» فأقاموا مقابرهم في خرائب معبد تلك المدينة العظيمة التي هدموها وأقاموا من أنقاضها معابد وقصورًا ومقابر.

غواص في بحر الحضارة المصرية القديمة

ولم يكن للإله «ست» فيها أثر يذكر بعد أن كان أهم معبود فيها. ومما يلفت النظر أن مقابر ملوك هذه الأسرة التي أقيمت في هذه البقعة لا تزيد في أهميتها وعظمتها عن مقابر علية القوم وأوساطهم في العصور السابقة لذلك العصر، وبخاصة إذا قيست بمقابر علية القوم في الأسرة الثامنة عشرة، غير أن الموميات الملكية التي عُثر عليها حديثًا من عهد هذه الأسرة كانت تمتاز بجهازها الجنازي الفاخر، وما يتبعه من زينة وزخرف.

هذا وقد ادَّعى ملوك الأسرة الواحدة والعشرين أنهم حكموا مصر من أقصاها إلى أقصاها، غير أنهم في الواقع أحجموا عن منازلة كهنة آمون الأشداء البأس، الأقوياء السلطان في أي أمر من الأمور الدينية أو الأمور الدنيوية الخاصة بمصر العليا، ومن أجل ذلك كانوا يُحِلُّون ثالوث «طيبة» في المنزلة الأولى من حيث الخضوع والتعبد، وكذلك كانوا يعيشون مع جيرانهم اليهود في فلسطين في ود ومصافاة؛ وقد حاولوا أن تكون علاقتهم مع جبيل (ببيلوص) علاقة مُرْضِية أساسها الود والمهادنة.

ومن ثم كانت اتصالاتهم مع بلاد سوريا والأقاليم التي يرويها الفرات لا غبار عليها، وقد كان مَثَلُ ملوك الأسرة الثانية والعشرين — الذين تولوا زمام الأمور في مصر بعد الأسرة الواحدة والعشرين — كمَثَلِ فراعنة الرعامسة الذين اتخذوا «بررعمسيس» (قنتير الحالية) مقرًّا لحكمهم مدة طويلة؛ إذ كانوا ينتسبون إلى أسرة قديمة يرجع عهد استيطانها في البلاد إلى أزمان بعيدة، كما تدل على ذلك الوثائق التي في متناولنا حتى الآن.

نكتفي بهذا القدر من هذه الحلقة من حلقات غواص في بحر الحضارة المصرية القديمة، وعلى وعد بلقاء الأسبوع القادم.

المصدر: مروة مصطفى

آمال أحمد

يأسرني عالم الترجمة وقضيت حياتي أحلم بأن أكون جزء من هذا العالم الساحر الذي اطلقت لنفسي فيه العنان لأرفرف بأجنحتي في سماء كل مجال، وأنقل للقارئ أفكار وأحداث من كل مكان على أرض المعمورة مع مراعاة أفكاره وعاداته وثقافته بطبيعة الحال، وفي مجال الترجمة الصحفية وجدت نفسي العاشقة للتغيير والمتوقة للإبداع والتميز.. من هنا سأعمل جاهدة على تلبية كل احتياجاتك ومساعدتك على تربية ابنائك وظهورك بالشكل الذي يليق بك ومتابعة الأخبار التي تهمك واتمنى أن أكون عند حسن ظنك.
زر الذهاب إلى الأعلى