منوعات

بسبب الأميرة المسحورة أم لعنة الناسك.. تعرف على سر قلعة بهانجار المسكونة

لعنة قلعة بهانجار

عندما يهجر المكان ويخلو من قاطنيه، يسكنه مخلوقات أخرى مثل الجن، ويكون مرتعا لهم يعيشون فيه ويمارسون طقوسهم الشيطانية. مع الوقت يستحيل على البشر العيش فيه؛ نظرا للظواهر الغريبة الغامضة والمرعبة التي تحدث في هذه الأماكن مثل ما حدث في قلعة بهانجار موضوع مقالنا اليوم.

قبل أن نتعرف على قلعة بهانجار المرعبة، علينا الأول تعريف المكان المسكون ومعرفة الأسباب التي تجعله مسكونا.

متى يصبح المكان مسكونا؟

يطلق على البيت أو المكان أنه مسكون عندما تُـلاحظ فيه ظواهر غريبة مثل الظلال والأصوات التي لا صاحب لها. وقد حاول بعض دارسي علم الميتافيزيقا أو علوم ما وراء الطبيعة تفسير هذا بما يسمى الطاقة النفسية. وقيل أن سبب هذه الطاقة النفسية هو الموت بشكل بشع أو بعد التعذيب القاسي.
أما السبب وراء جعل المكان مسكونا هو خلوه من السكان، وعدم قراءة القرأن الكريم أو يذكر فيه اسم الله، وعندما يخلو البيت من سكانه، يصبح مرتعا للجن ومن ثم تظهر فيه الظواهر الخارقة والغامضة مثلما يحدث في هذه القلعة المسكونة قلعة بهانجار.

قلعة بهانجار

ما هي قلعة بهانجار؟

بحسب المؤرخين وسكان المنطقة فإن هذه القلعة بنيت من قبل حاكم قديم اسمه راجا سينغ،  بنى الحاكم  القلعة في بداية الأمر لابنه الأصغر مادو سينغ عام 1537، ثم أكمل مادو سينغ بناء القلعة بعد والده وأعطاها لوالده شاتر سينغ الذي بدوره سكنها هو وزوجاته وأولاده.

واكتمل بناء القلعة على يد أجاب سنغ ابن شاتر سينغ، ثم قام أجاب سينغ ببناء قلعة أخرى أسماها قلعت أجابغار. بداخل قلعة بهانجار منازل صغيرة بحسب السكان كانت لراقصات القصر، بالإضافة إلى وجود العديد من الأشجار المعمرة.

تضم القلعة العديد من المعابد، فجميعنا يعلم كثرة الديانات في الهند، وتشتهر الديانة الهندوسية بعبادة أكثر من إله. من اللافت امكانية دخول القلعة نهارا فهي مزارا سياحيا معروفا، لكنها ليلا غير مسموح بزيارتها وذلك بحسب لافتة تحذيرية موضوعة من قبل الجمعية الهندية للآثار.

فهناك نص صريح من الدولة بمنع دخول أحد إلى القلعة من غروب الشمس حتى شروقها، فما السبب وراء هذه اللافتة وما سر لعنة قلعة بهانجار، ولماذا تحولت لخرابة وخلت من سكانها بعدما كانت عامرة بقانطيها؟.

هناك روايتين بحسب القرويين وسكان المنطقة توضح سبب هذه اللعنة.

قلعة بهانجار

الرواية الأولى

تقول الرواية أنه على سفح التل المطل على القلعة كان يعيش ناسك هندوسي معروفا باسم غورو بالوناث، وهو راهب استهر بأنه معلم روحي وكان الأهالي يعتقدون بأن له قدرات خاصة. لذلك، وعندما قرر راجا سينغ إنشاء القلعة كان عليه أخذ الإذن من هذا الراهب أو الناسك وهو ما حصل، حيث تم أخذ الحاكم إذن الناسك الذي لم يكن له سوى شرط واحد أن لا يسقط ظل القلعة على منسكه أو منزله!.

بالفعل نفذ الحاكم واولاده هذا الشرط، والتزم أولاده من بعده حتى وصل حكم القلعة إلى أجاب سينغ، فهذا الأخير لا يلتزم بشيء، وكان معروفا بعدم احترامه لأحد وظلمه للناس لذلك اكتسب سمعة سيئة بين السكان.

بناء عليه، قرر أجاب إضافة أعمدة إلى القلعة إلا أن هذه الأعمدة ألقت بظلها على مسكن الناسك؛ ما أثار غضبه بسبب نكث أجاب بالعهد، جدير بالذكر كون هذا الناسك معمرا؛ لأن النساك بالديانة الهندوسية معروفين بأنهم معمرين.

وعليه، غضب الناسك وتجلى بإلقائه لعنة على القلعة والقرى المحيطة بها، ما حولها إلى خراب وأخلاها من سكانها بل وتوقف التكاثر والتناسل والولادات في هذه المنطقة.

قلعة بهانجار

الرواية الثانية

أما الرواية الثانية، يرجع سبب اللعنة التي حلت على قلعة بهانجار إلى أميرة تدعى راتنا فاتي وهي ابنة شاتر سينغ أي أخت أجاب سينغ، كانت معروفة بجمالها الآخاذ وفراستها وذكائها كما أنها كانت محبوبة من السكان.

تقدم العديد من الشبان لخطبتها وكانت حلم كل المحيطين بها وحظيت بإعجاب الجميع، لكنها رفضت كل العرسان وبسبب جمالها الساحر، وقع مشعوذ متمرس بالسحر الأسود في عشقها. ولأنه يعلم جيدا أن الأميرة لن تقبل الزواج منه، فهو لم يكن من الملوك أو الأمراء ولا حتى من ذوي الشأن حتى تقبل الأميرة الارتباط به.

فعقد النية على استخدم سحره الأسود؛ بغية أن يجعلها تقع في حبائله فقام بإلقاء تعويذة على قارورة من الزيت المعطر كانت الأميرة تقوم بشرائه من السوق. ولكن الأميرة انتبهت لما حدث وألقت بالقارورة المسحورة على الأرض فما لبثت أن حولت الحصى الصغيرة إلى صخرة ضخمة تدحرجت وسحقت المشعوذ تحت ثقلها .

وهناك من يقول رواية مغايرة تماما وهي:  أن الأميرة قامت برمي القارورة إلى أعلى السفح فاصطدمت القارورة بصخرة كبيرة، وبفعل السحر الملقى تدحرجت الصخرة مباشرة من السفح باتجاه المشعوذ فسحقته تماما. وقبل أن يلفظ المشعوذ أنفاسه الأخيرة  ألقى لعنة على الأميرة وعائلتها وسائر القرية.

في الروايتين هناك لعنة حلت بالقرية ما تسبب في تدميرها؛ حيث أنه في العام التالي نشبت حرب بين قوات بنجار وبين قوات أجابجار قتلت فيها الأميرة وأهلها على يد أخيها أجاب سينغ من ناحية.

من ناحية أخرى، لم يسلم أهل القرية من اللعنة، فقتل منهم من قتل وهاجر الباقون، وبذلك أصبحت قلعة بهانجار مسكونة بأشباح أهل القرية والأميرة بحسب السكان .

ما يوقعنا في حيرة من أمرنا، تم وقوع هذه اللعنة في الماضي السحيق، ولكن ماذا عن عصرنا هذا هل بقي أثر اللعنة حتى اليوم، بالرغم من هذه التكنولوجيا المتطورة التي وصل عالمنا إليها؟.

للإجابة عن هذا السؤال وحل هذا اللغز، دعونا ننتقل من الماضي إلى الحاضر، فالسكان المحليون مازالوا يعتقدون وبشدة أن القلعة ومحيطها لا يزالا واقعان تحت أثر اللعنة وذلك بسبب العديد من الأمور .

أولها: اعتقاد السكان باستحالة تعمير القرية بالسكان، فكل البيوت لا سقوف لها، ما عدا المعابد التي بداخل القلعة فهي الوحيدة التي لديها سقف. ويرجع السبب لما يحدث عندما يقدم أحد من السكان على بناء سقف لبيته يهبط السقف مباشرة دون سبب.

ثانيها: رؤية السكان للعديد من الحوادث والتي بحسب رأيهم تؤكد أن القلعة مسكونة، إذ يؤكدون أنه بمجرد أن تغرب الشمس تبدأ أصوات الصراخ والعويل وبكاء الأطفال تصدر من قلعة بهانجار الخالية المليئة بالرعب والهلع.

بل وأكثر من هذا، يؤكد المحليون أنه في يوم محدد من أيام السنة، ويعتقد أنه اليوم الذي رمت فيه الأمير القارورة المسحورة تفوح رائحة عطرة من القلعة مع صوت بكاء خفيف.

وفقا للسكان، تهيم روح الأميرة، ومازالت تجوب القلعة والسبب أنها تحاول إزالة اللعنة التي حدثت بسببها، لعلها تستطيع إعادة أمجاد القلعة وإنقاذ القرية ومن تبقي من سكانها.

قلعة بهانجار

اللعنة انتقلت للسائحين

قصص رعب قلعة بهانجار الغامضة للسواح

بحسب القصص التي يرويها بعض السائحين والتي تملأ النفوس بالرعب والهلع، منها قصة سائحين زوجين كانا يتجولان ليلا في القرية فرأوا في أحد البيوت طفلا صغيرا يطل من خراب بيت بنافذة دون أبواب. فظنوا في البداية أنه طفل تائه وما إن اقتربا منه حتى لاحظا التوهج حوله واختفى الطفل في حائط المنزل.

وهنالك قصة شهيرة وتعد السبب وراء وضع اللافتة التي تمنع الدخول إلى القلعة ليلا،  وحدثث لثلاث سواح مغامرين. فقد قرروا تحدي العرف السائد في المنطقة والمبيت في القلعة، فأحضروا معهم اللوازم الكاملة من أضواء وطعام وخيم.

بالفعل عندما جن الليل عليهم، دخلوا القلعة وبمجرد ولوجهم للقلعة سقط أحدهم في بئر قديم، بالرغم من الأضواء الكاشفة التي كانت بحوزتهم، تدخل الآخران لمساعدته وإسعافه إلى المستشفى فهرولوا خارجين من القلعة .

وهم في طريقهم إلى المستشفى تعرضوا لحادث سير قاتل قضى عليهم جميعا بالقرب من القلعة، وليست هذه القصة وحسب بل هناك غيرها الكثير من القصص المحلية، التي قد يعتبرها أغلبنا ضرب من الخيال ولكن هل من تفسير منطقي لما يجري هناك في في قلعة بهانجار؟.

بالطبع هناك تفسير علمي لما يجري داخل هذه القلعة المسكونة وهو:

مع تقدم الزمن وتطور التفكير والعلم أصبح أمر اللعنة منافيا للعقل بحسب الباحثين الذين حاولوا التوصل إلى تفسيرات ملائمة.

إحدى هذه التفسيرات أن السكان تركوا القلعة ومحيطها، بعد أن بنى أجاب سينج قلعة أجب جار وانتقلوا إلى القلعة الجديدة . والتي بحسب علماء الآثار كانت أكبر وتضم تسهيلات أكثر من قلعة بانجارا لذلك لم تعمر البلدة من جديد .

تفسير آخر يطرحه الباحثين، حيث يقولون أن بعض النصوص التاريخية تتحدث عن مجاعة حادة ضربت تلك المنطقة في تلك الفترة أي في العام 1783، ما تسبب في نزوح من تبقى من السكان إلى أماكن أخرى باحثين عن الطعام وسبل العيش.

قد يبدو ما يفسره الباحثون صحيحًا، لكن تظل مسألة وضع الحكومة لافتة على قلعة بهانجار مثار للجدل ولم يرد عليها الباحثين ردا كافيا.

قلعة بهانجارا

يأتي الرد  من المتحدث باسم الحكومة، مفاده وجود حيوانات مفترسة في تلك المنطقة، بحكم أنها واقعة في بيئة برية تزخر بالحيوانات المفترسة كالنمور وضباع والزواحف الخطيرة، وبالتالي تنشط ليلا وتأتي للمبيت في القلعة؛ لذلك كان لزاما  المحافظة على حياة السواح وضعوا هذه اللافتة.

أما عن أصوات البكاء والصراخ التي يسمعها المحليون والتي أكد السواح أنهم سمعوها تصدر من القلعة، فيعود السبب بحسب تفسير المهندسين المعماريين إلى كون القلعة نصفها مهدم دون أسقف، بالإضافة إلى وجود نوافذ وفجوات كثيرة والرياح تنشط فيها، لذلك حركة الرياح داخل القلعة هي التي تسبب هذه الأصوات.

أما البيوت التي لا سقف لها وتهدم السقوف التي تبنى حديثًا، فعلى الأغلب أنها نوع من الإشاعات التي ينشرها السكان المحليون حالها كحال قصص الأشباح وأصوات القلعة. بهدف جذب السواح إلى تلك المنطقة الفقيرة لكسب بعض الأموال.

هذه التفسيرات قد تعد واقعية إلا أنها لا ترضي المحليين، الذين يؤكدون أن ما يعرفونه هم من أسلافهم هو الصحيح. وبما أن الحكومة تفطن لهذا الأمر جيدا، أغلقت القلعة ليلا، وهي بذلك تحمي السكان من الحيوانات المفترسة وكذلك ترضي السكان المحليين.

آمال أحمد

يأسرني عالم الترجمة وقضيت حياتي أحلم بأن أكون جزء من هذا العالم الساحر الذي اطلقت لنفسي فيه العنان لأرفرف بأجنحتي في سماء كل مجال، وأنقل للقارئ أفكار وأحداث من كل مكان على أرض المعمورة مع مراعاة أفكاره وعاداته وثقافته بطبيعة الحال، وفي مجال الترجمة الصحفية وجدت نفسي العاشقة للتغيير والمتوقة للإبداع والتميز.. من هنا سأعمل جاهدة على تلبية كل احتياجاتك ومساعدتك على تربية ابنائك وظهورك بالشكل الذي يليق بك ومتابعة الأخبار التي تهمك واتمنى أن أكون عند حسن ظنك.
زر الذهاب إلى الأعلى