الأبراج

الإسطرلاب أول أداة فلكية في العالم تجمع بين الديانات الثلاثة.. كيف؟

من اخترع جهاز الإسطرلاب وشكل جهاز الإسطرلاب

وجدت دراسة جديدة أن الإسطرلاب، وهو جهاز فلكي قديم يستخدم لحساب التاريخ والوقت بدقة بناءً على مواقع النجوم،  ويعود تاريخ استخدامه للقرن الحادي عشر، والذي تم العثور عليه في متحف في فيرونا بإيطاليا، هو دليل واضح على التبادل العلمي والتعاون بين المسلمين واليهود والمسيحيين.

وبحسب موقع “space”، أول من صنع هذا الجهاز هم المسلمون، ثم انتقل بعد ذلك إلى أيدي المستخدمين اليهود والمسيحيين، الذين قاموا بترجمة الجهاز المحمول الفلكي وتعديله على مر القرون.

يعد هذا الجهاز اكتشافا نادرا، حيث يعود تاريخه إلى ما يقرب من ألف عام، وظل الإسطرلاب البرونزي في أرشيفات متحف Miniscalchi-Erizzo في فيرونا لعقود من الزمن، ولم تتحقق قيمته الحقيقية.

الأمر الذي دعا جيوفانا ريزيدوري، وهي أمينة المتحف التي تحدثت مع فيديريكا جيجانتي، وهي مؤرخة في جامعة كامبريدج متخصصة في التبادلات المادية والفكرية بين الشعوب الإسلامية وأوروبا، وعكفت الأخيرة على دراسته.

شكل جهاز الإسطرلاب

معلومات عن الإسطرلاب

في لقاء مع موقع Space.com. قالت جيجانتي: “هذا الجهاز مثير للاهتمام فهو جسم غريب، فلقد رأيته بالصدفة على الموقع الإلكتروني للمتحف، ما أثار فضولي لاكتشافه ومعرفة المزيد”.

وأضافت: “في رأيي يعد الإسطرلاب أفضل التلسكوبات والمناظير، بل يعد أفضل أجهزة عرض النجوم على الاطلاق، في تحديد تقويم الفضاء، وصمم الإسطرلاب على شكل قرص، يوجد في وسطه دائرة مفرغه.

ويثبت على هذا القرص لوحة دائرية واحدة أو أكثر، كل لوحة لخط عرض معين، وفوق ذلك لوحة أخرى تسمى ريتي (تنطق “ري-تي”)، ويوجد عليها مخطط يصور ألمع النجوم في السماء. والفكرة هي تدوير الشبكة بحيث يتطابق موقع النجوم مع ما هو موجود في السماء.

وتابعت: “ثم استخدام مقياس الساعات حول الحافة لتحديد الوقت. جدير بالذكر أنه تم تصميم الإسطرلاب من قبل حرفيين مسلمين، على أساس ديني ووضع هذا المفهوم في الاعتبار فيما بعد.

وأضافت جيجانتي: “لا يخلو مسجد من الإسطرلاب، وذلك لتحديد وقت الصلاة وتعريف المؤذن بالوقت المحدد للصلاة، وهناك عشرات الأمثلة من الإسطرلابات العربية في المتاحف في جميع أنحاء العالم.

“ولكن ما يجعل إسطرلاب فيرونا بارزًا، هو احتوائه على نقوش باللغة العبرية، بجانب لغة غربية مستخدمة في البلدان المسيحية في ذلك الوقت، في إيطاليا على الأرجح.

“ما يدل على أنه صنع في إسبانيا في أواخر القرن الحادي عشر، لكنني غير متأكدة من التاريخ على وجه الدقة، فمواقع النجوم ليست دقيقة بما فيه الكفاية لتحديد التاريخ.

وتشرح جيجانتي الأمر بقولها: “تدور الأرض حول محورها، في حركة تسمى السبق وهي تغيير في اتجاه محور الدوران لجسم مستدير، وبدورها تؤدي إلى تغير موقع النجوم بالنسبة للقطب الشمالي، في دورة تستمر 26 ألف سنة، على مدار ألف عام منذ صنع الإسطرلاب.

تاريخ صنع الإسطرلاب

تشير جيجانتي إلى استحالة تحديد تاريخ صنع الاسطرلاب؛ لأن مواقع النجوم على الإسطرلاب ليست دقيقة مثل القياسات الحديثة، وأنها بحثت في الجداول القديمة لإحداثيات النجوم، التي قد تُشتق منها الإسطرلابات في هذا العصر. وركزت على سكان الأندلس.

وهي المنطقة التي كانت تخضع لحكم المسلمون آنذاك، وتعرف الآن بإسبانيا، وقد عاش كل من المسلمين واليهود جنبًا إلى جنب في الأندلس، وكانوا جميعًا يتحدثون اللغة العربية.

“إذا فكرنا فيما كانت عليه إسبانيا في القرن الحادي عشر، فسنجد وجود العديد من المراصد المختلفة، حيث جرت محاولات لرسم مخططات لإحداثيات النجوم ومواقع الكواكب، وكانت هناك مجموعات من العلماء تتألف دائمًا من اليهود والمسلمين الذين يعملون معا”.

“وعلى الرغم من أن جيجانتي لم تتمكن من تحديد جدول محدد للإحداثيات النجمية، التي زودت بها إسطرلاب فيرونا، إلا أنها عثرت على جدول قريب يرجع تاريخه إلى الأندلس عام 1068. ويدعم هذا الافتراض النقوش على إحدى اللوحات، والتي تنص على أنها لخطوط عرض قرطبة وطليطلة.

وكلاهما مدينتان في المنطقة. ومع ذلك، في مرحلة ما يبدو أن الإسطرلاب قد تغير، وأضيفت لوحة ثانية تحمل نقشًا عربيًا يقول إنها كانت للغة بعض الشعوب في شمال إفريقيا، ربما في مصر أو المغرب الحالية.

شكل جهاز الإسطرلاب

التزييف عادة اليهود

واستطردت: “تمت الكثير من التعديلات على الإسطرلاب، وتم شطب العلامات العربية وترجمتها إلى اللغة العبرية، لغة الشعب اليهودي،  تم خدشت أرقام باهتة مكتوبة بلغة غربية على القرص، قبل أن ينتهي الأمر بالجهاز في نهاية المطاف في أيدي لودوفيكو موسكاردو.

“وهو أحد النبلاء في القرن السابع عشر في فيرونا. وذلك أصبح الإسطرلاب جزءًا من المجموعة الموجودة في متحف موسكاردو الخاص به، والذي تم استيعابه في عام 1964 في Fondazione Museo Miniscalchi-Erizzo، قبل أن يلفت انتباه جيجانتي أخيرًا.

وكانت الإسطرلابات هي الهواتف الذكية في ذلك الوقت. وتوضح جيجانتي قائلة: “كل شخص متعلم، وخاصة أولئك الذين يعملون في علم الفلك لديهم هذا الجهاز العجيب، وكان نصف هؤلاء المستخدمين، مثل المؤذنين على مآذنهم، يستخدمونها لإجراء قراءات فلكية للمناطق الدينية.

” والنصف الآخر كان يستخدمهم لأغراض فلكية في القرن الحادي عشر، عندما كان فهمنا للسماء محدودًا، كان علم الفلك والتنجيم يعتبران نفس الشيء.

وأكملت جيجانتي: “عندما وصل الإسطرلاب إلى أيدي اليهود والمسيحيين، أتوقع أنه تم استخدامه لأغراض تنجيمية أكثر من الأغراض الدينية، على الرغم من أن الرهبان استخدموا هذا الجهاز أيضًا لتحديد أوقات الصلوات”.

“وكانت الإسطرلابات التي تحمل نقوشًا باللغة العبرية نادرة جدًا؛ إذ يوجد واحدة منها في المتحف البريطاني في لندن، على الرغم من ضياع معظمها بسبب تقلبات الزمن، ما يؤكد ندرتها وكيف تعود إلى أصل إسلامي، واستخدمها المسلمون حصريًا. ولذلك فإن إسطرلاب فيرونا له أهمية تاريخية؛ لأن أصوله إسلامية ويهودية ومسيحية على حد سواء.

إنه تذكير في الوقت المناسب، بالنظر إلى الأحداث المأساوية الحالية في الشرق الأوسط، أنه في الماضي كان بإمكان الشعوب المختلفة أن تتعايش وتتبادل المعرفة.

في الإطار ذاته، تناقش جيجانتي النتائج التي توصلت إليها في ورقة بحثية، نشرت في الأول من مارس في المجلة عن الإسطرلابات التي تحمل نقوشًا باللغة العبرية النادرة.

آمال أحمد

يأسرني عالم الترجمة وقضيت حياتي أحلم بأن أكون جزء من هذا العالم الساحر الذي اطلقت لنفسي فيه العنان لأرفرف بأجنحتي في سماء كل مجال، وأنقل للقارئ أفكار وأحداث من كل مكان على أرض المعمورة مع مراعاة أفكاره وعاداته وثقافته بطبيعة الحال، وفي مجال الترجمة الصحفية وجدت نفسي العاشقة للتغيير والمتوقة للإبداع والتميز.. من هنا سأعمل جاهدة على تلبية كل احتياجاتك ومساعدتك على تربية ابنائك وظهورك بالشكل الذي يليق بك ومتابعة الأخبار التي تهمك واتمنى أن أكون عند حسن ظنك.
زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!