المعنى الحقيقي للخيمياء
قديما اعتقدوا أن هناك أربعة عناصر فقط وكانت تسمى “الجذور”، والتي اُعتبرت اللَّبِنات الأساسية للكون، وهي: الماء والنار والهواء والأرض، وكانوا يعتقدون أن هذه الجذور لا يمكن أن تنقسم إلى أجزاء أصغر، ولكن كل شيءٍ آخر ما عدا الجذور يمكن تقسيمه إلى مكونات هذه الجذور.
فائدة الخيمياء
كان للخيمياء عدة غاياتٍ أساسيةٍ أسرَت مخيّلات الناس لآلاف السنين، مثل تحويل المعادن الأساسية كالرصاص والنحاس إلى فضةٍ وذهبٍ، فقد كان الخيميائيون القدماء حرفيين ماهرين جدًا بالمعادن.
حيث استخدموا الذهب والفضة في صناعة الأواني والزخارف للأشخاص النبلاء واستخدموا التقليد منها أو البدائل الرخيصة للفقراء، كما اعتقدوا أن بإمكانهم تحويل المعادن الأساسية إلى ذهبٍ بسهولةٍ بالغة، وذلك بالعديد من العمليات الكيميائية لتغيير لون المعادن لتشبه لون الذهب، ففي هذه العملية، قاموا بتطوير وتحسين الأجهزة الكيميائية وتعلموا العديد من التفاعلات الكيميائية دون أن يدركوا.
الخيمياء والروح
لطالما ارتبطت الخيمياء بالنظرة الروحية المعقدة للعالم، والتي تتمثل في أنّ كل شيءٍ من حولنا له روحٌ تسري في كلِّ الأرجاء، ذلك غير نظرة الحيوية التي كانوا ينظرون لها للمعادن فقد كانوا يعتقدوا أنها تنمو في جوف الأرض، وبما أن لكل شيء روح فهو كائن حي يعامل على هذا الأساس.
وعند العثور على الرصاص ينظر إليه باعتباره شكلٌ ماديٌّ وروحيٌّ غير مكتملٍ من المعادن العليا كالذهب. وبالنّسبة للخيميائيين، لم تكن المعادن مجرد موادٍ فريدةٍ تملأ الجدول الدّوري، إنّما هي مراحل تطوّره المختلفة، أو موادّ تتحضّر في طريقها إلى الكمال الرّوحي.
حجر الفلاسفة
وكما ذكر جيمس راندي في كتابه «موسوعة الادّعاءات والاحتيالات وخدع الغيبيّات والماورائيات» كانت الخيمياء فنًّا يعتمد على التجريب والسحر، فقد ركز باحثو العمليات الطبيعيّة القدامى، جهودهم من أجل اكتشاف مادةٍ أسطوريّةٍ سُميت بحجر الفلاسفة.
وهو الحجر الذي افتُرض أن امتلاكه يعطي قدراتٍ مميزّةً مثل إطالة العمر أو شفاء المرضى أو تحويل المعادن الأساسية إلى معادن ثمينةٍ مثل الذّهب، لم تكن هذه المادّة حجرًا بالمعنى الحرفيّ، بل ربّما مادّة سائلة أو شمعيّة أو حتّى مسحوقًا يمتلك قدراتٍ سحريّةً كبيرة.
الفرق بين الكيمياء والخيمياء
في المقابل وعلى عكس معظم العلوم الروحية، علم الخيمياء تجريبي مضبوط ونتائجه الموضوعية واضحة ولا يعتمد تحقيقها بالضرورة على خبرات حدسية فائقة أو تأمل إدراكي تصوفي، بقدر ما يعتمد على “هندسة النفس وتفاعلات الذات مع الوجود، ليعود السؤال الذي يتطرق للأذهان ما دامت هناك نتائج ملموسة إذا فهي علم موجود وقائم بذاته.
إذ يمكنك أن تجد الكثير من المهمات سهلة التحقيق في دستور الخيمياء، كمبدأ المغنطة، وأن تجعل الماء أو أي مادة أخرى تحوز بتأثيرات مختلفة عن الخصائص الكيميائية المعروفة. فالماء أكثر قدرة على التفاعل مع طاقة الحياة الموجهة نحوه، وبالتالي يمكنه التأثر بسهولة.
تجربة حية على الطاقة
عندما تمسك زجاجة مياه وأنت في وضع إدراك هادئ ومريح، تحرك يدك ببطيء حولها ثم تلامسها برفق، وحين تحس بتنميل يدك وسريان طاقة ما بين جنباتك، حاول التحكم بسريان الطاقة من خلال الخيال والتركيز، وركز على نقل الطاقة الحيوية إلى داخل الكأس وأرسل أمراً واحداً فقط، مهما كان هذا الأمر لمدة ربع ساعة، مع إزالة المشتتات البيئية.
جرب ذلك على علاج الزكام مثلاً، بأن تعطي أمر للماء بأن يعالج الزكام، ولكن مع تركيز … وهدوء. وتذكر أن يعتمد مجال المغنطة على قوة الإيمان، من يؤمن بأن المياه ستصبح حارة يمكنه أن يجعلها حارة، ولكن من لا يصدق بمثل هذه الظاهرة لا يصل لنتائج تذكر.
تحقيق الشفاء عادة يكون أسهل من تحويل صفات المواد؛ لأن الشفاء يؤثر على أجهزة وقوى خفية ومركبة مما يجعلك تتقبل نفسياً تأثيراً خفياً عليها، على عكس تعزيز أو تغيير الحرارة مثلاً والتي قد تبدو لك أشبه بالمعجزة، مع أنها لا تختلف عن الظاهرة الشفائية للمغنطة شيئاً.
الخيمياء علم تطبيقي
الخيمياء علم تطبيقي، أي ورغم أن ظواهره وتطبيقاته ليست معللة مادياً ولكنها ليست نظرية أو عقلية مثل الفلسفة أو علم الأديان، وهو علم ضخم جداً، ليس كل ما فيه مجرد محاولات تحويل الرصاص إلى ذهب، ولكن هناك الكثير جداً لتتعلمه من التطبيقات الخيميائية على الأعشاب والمواد وعلى نفسك وتفاعلات روحك.
الخيمياء مقسمة إلى ثلاثة أصناف حسب رتبة الوجود :
- خيمياء روحية : كيف تجعل روحك ترتقي إلى الطور المتكامل المضيء، والحرية النهائية، من قيود الزمن وكيف تصل إلى قمة الأخلاق وتحقق غاية الحياة بطرق عملية. وكيف تقيّم العالم من إدراك روحك، وبمعايير الروح الذاتية.
- خيمياء نفسية : كيف تجعل نفسك مطواعة لوعيك ومؤثرة على البيئة، كيف تشفي الأمراض بقوة النفس والقدرات العقلية، كيف تصل إلى التحكم النفسي وقراءة الأفكار وكيف تحول نفسك من الحالة الخاملة والكسولة والضعيفة والمنغلقة إلى مجال تفاعل نشيط وواعد وتطلق العنان لقواها الحقيقية.
- خيمياء مادية – جسدية : مثل تحويل المعادن والشفاء الجسدي بالمواد الطبيعية، كيف تحول المادة إلى كنز بإطلاق قواها الأثيرية وكيف تستخدمها لكسر قواعد الواقع، وهذا مجرد فرع واحد من فروع الخيمياء.
كل الخيمياء تعتمد على قوانين واحدة كونياً وهذا هو السبب في أن جميع هذه التفرعات مندرجة حسب الخيمياء، فقانون الذبذبة والتحويل والمغنطة يمكن تطبيقه على أي شيء بغض النظر عن طبيعته.
في مارس 2016م؛ اشترت مؤسّسة الترّاث الكيميائيّ مخطوطة خيميائيّة أعدّها نيوتن في القرن السابع عشر، كانت قد دُفنت لعقود من الزّمن ضمن مجموعة خاصّة، فصّل فيها نيوتن كيفيّة صناعة ما أسماه الزّئبق الفلسفي، الذي اعتقد أنّه سيشكّل خطوة على طريق صناعة حجر الفلاسفة.
هل الخيمياء حقيقة؟
ليس من الصّعب معرفة السبّب الذي حكم على الخيمياء بالفشل، فقد كانت مبنيّة على فهم مغلوط لأساسيّات الكيمياء والفيزياء، بنى الخيميائيّون نظريّاتهم وتجاربهم على الفرض الأرسطوطاليسي القائل بأن العالم بكلّ ما يحتويه مكوّنٌ من أربعة عناصر أساسيّة هي الهواء والتّراب والنّار والماء.
إلى جانب ثلاثة عناصر أخرى سمّيت بالعناصر الضروريّة، وهي الملح والزّئبق والكبريت، أمّا اليوم فنحن نعرف أنّ الكون يتكوّن من الذّرات والعناصر، ولمّا كان تكوين الرصاص وغيره من المعادن بعيدًا في الحقيقة عن تلك العناصر؛ فإنّ من غير الممكن التّلاعب بنسب هذه العناصر (غير الموجودة) لتحويل المعادن إلى ذهب.
رغم فشل الخيمياء؛ لم يكفّ النّاس على مرّ الزّمان عن ادّعاء حلّ الأحجية العتيقة، فقد انتشرت لقرون عديدة إشاعاتٌ بأنّ بعض الأشخاص اكتشفوا حجر الفلاسفة، ولكنّ بما أنّ الخلود كان إحدى مزاياه فإن موت مكتشفيه ينفي هذا الادّعاء.
كما عيّن بعض الأغنياء خيميائيين لإجراء أبحاثٍ لصالحهم، دون أن يرى أيٌّ منهم عوائد هذا الاستثمار! انتشر الخيميائيّون الزّائفون بشدّة في العصور الوسطى، لدرجةٍ وصفهم فيها العديد من الكتّاب والمشاهير، من ضمنهم الشّاعر بين جونسون وجوفري تشوسر.
ورغم اتضاح خرافة حجر الفلاسفة، وفشل الخيمياء؛ إلّا أنّ ذلك لا يعني أن الخيميائيّين كانوا على خطأ تامّ، فمع وجود معدّات فيزيائيّة حديثة، مثل مسرّعات الجسيمات، فمن الممكن حقًا صناعة الذّهب من عناصر أخرى، رغم ضآلة الكميات النّاتجة، وتكلفة التّصنيع الهائلة مقارنة بالكمّيات دون المجهريّة النّاتجة، والتي تفوق قيمة الذّهب بحدّ ذاته.
نخلص مما سبق، بأن الخيمياء علم لا أصل له وذهب أدراج الرياح، لكن أثارها باقية بشكل أو بأخر، حيث تركت نظريات حتى ولو شفهية أثرت على بعض الجوانب المادية للخلود، لذا حريّ بنا أنْ نذكر أنّ الخيمياء رغم عدم تَحققّ أهدافها بالخلود أو تحويل الرّصاص إلى ذهب؛ تركت إرثًا عريقًا، فالخيميائيّون هم أوّل من مارس ما يسمّى في وقتنا الحالي بالكيمياء الحديثة.
المصادر: مراجع وكتب ومقالات متنوعة تناولت الخيمياء من كل الجوانب.