نسمع كثيرا عن مصطلح الأكوان الموازية أو المتوازية، ويسرح خيالنا في تفسير هذا المصطلح ونفكر مليا في هذه المسألة المحيرة، هل هنالك أكوان موازية وأين هي وما طبيعتها وماهيتها، وهل هي تشبه هذا الكون الذي نعيش فيه أم أنها ذات طبيعة مختلفة تتساوى أو تتفوق على طبيعة كوننا.
عندما نبحث في شبكة المعلومات العنكبوتية “الانترنت”، نجد العديد من المقالات والكتب التي تتناول تفسير فكرة الأكوان الموازية، يبنى بعضها على افتراضات علمية بينما يستند البعض الأخر على الإعجاز القرأني وتفسير الآبات التي تؤكد فكرة وجود الأكوان الموازية.
وهو ما دفعنا للبحث أكثر والتعمق في التفسير العلمي والقرآني على حد سواء، وخلصنا لما سيرد في السطور التالية:
متى ظهرت فكرة الأكوان الموازية؟
يعود ظهور فكرة الأكوان المتوازية للعام 1954 حين حاول أحد الفيزيائيين ويدعى أفيريت حل معادلات نظرية الكم، وخاصة تلك التي تتكلم عن حساب احتمالات وقوع الحوادث الكمية (على المستوى الذري)، ويعرف بمبدأ عدم التحديد، وينص على أنه في حال دراستنا لمادة كمية (جزيئات تحت ذرية) فإننا سنلاحظ أنها تتصرف بشكل غير منضبط، مما سيجعلنا غير متأكدين من طبيعة هذه المادة الكمية أو خصائصها.
تعريف الأكوان الموازية
وفقا للتفسير العلمي هي مجموعة افتراضية متكونة من عدة أكوان -بما فيها الكون الخاص بنا- وتشكل معاً الوجود بأكمله، وفكرة الوجود متعدد الأكوان هو نتيجة لبعض النظريات العلمية التي تستنتج في الختام وجوب وجود أكثر من كون واحد، وهو غالباً يكون نتيجة لمحاولات تفسير الرياضيات الأساسية في نظرية الكم والأكوان العديدة داخل متعدد الأكوان تسمى أحياناً بالأكوان المتوازية Parallel Universes. والبنية لمتعدد الأكوان، وطبيعة كل كون وما بداخله، والعلاقة بين هذه الأكوان كل هذه تعتمد على النظرية المتبعة من بين عدة نظريات.
ببساطة ووفق النظريات الفيزيائية ستكون الإجابة قاطعة وهي نعم. بالنظر إلى أنه لا يزال هناك الكثير مما لا نعرفه عن الكون – بما في ذلك بعض الفجوات العلمية الكبيرة- في فهمنا البشري المحدود، فمن الممكن أن تكون هناك أكوان متوازية. ولكن من الخطأ افتراض أن هذه الأكوان المتوازية ستبدو كنسخة أخرى مثل الكون الذي ننتمي إليه.
بداية الكون
يتوجب علينا قبل أن نفكر في تواجد أكوان موازية، معرفة بداية الكون إذ أن هناك إجماع على أن الكون له بداية كما أن له نهاية، إذ تشير نظرية “الانفجار الكبير” إلى أن الكون كان كثيفا وساخنا وصغيرا، ثم وقع انفجار كبير منذ 13.8 مليار سنة أدى إلى توسع هذه النقطة الصغيرة في أقل من جزء من المليار من الثانية، لتصبح أكبر من حجمها الأصلي بمليارات المرات فيما يسمى بظاهرة التضخم الكوني.
ففي الثمانينيات من القرن الماضي وضع عالم الفيزياء النظرية ستيفن هوكينغ مع فيزيائي يدعى جيمس هارتل فرضية مفادها أن الانفجار العظيم خلف أكوانا متوازية، كفقاعات بعضها بجوار بعض، بعض هذه الأكوان يشبه كوننا قوانين ومكونات، وأخرى تختلف عنه في كل شيء.
من وحي كتاب “العوالم الكونية السبعة وأجساد الإنسان السبعة”
وهنا نلقى الضوء على كتاب “العوالم الكونية السبعة وأجساد الإنسان السبعة” لـ نوفل محمد داؤد، والكتاب يتحدث عن وجود سبع عوالم كونية وسبع أجساد لكل شخص، ويمكننا الانتقال عبرهذه الاكوان والأجساد إذا وصلنا إلى التدريب والنقاء الكافي.
الأكوان الموازية في القرآن الكريم والسنة النبوية
آية الطلاق هي الآية الوحيدة التي تذكر وجود عدد سبع أراض بينما تكرر وجود سبع سماوات في آيات أخرى:
{هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ }البقرة29
{تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ وَلَـكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً }الإسراء44
عبارة “ومن فيهن” أي في السماوات والأرض تشير بشكل لا بس فيه إلى وجود حياة في الأكوان الأخرى.
{وَلَقَدْ خَلَقْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرَائِقَ وَمَا كُنَّا عَنِ الْخَلْقِ غَافِلِينَ }المؤمنون17
{قُلْ مَن رَّبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ }المؤمنون86
{فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاء أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظاً ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ }فصلت12
{الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقاً مَّا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِن تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِن فُطُورٍ }الملك3
{أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقاً }نوح15
{وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعاً شِدَاداً }النبأ12
ومن الملفت أن عبارة “سبع سماوات” تكررت سبع مرات في القرآن، وأتت الإشارة إلى السماوات بلفظ “طرائق” و “سبعاً شدادا”.
كما يمكن ان نجد صدى لنظرية الأكوان المتوازية في الآية التالي:
{وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ }الزمر67.
كذلك في كتب التفسير والأحاديث، سأل رجل ابن عباس، عن تفسير بداية الآية 12 من سورة “الطلاق” في القرآن، المعتبرة أحد ألغاز الوحي القرآني، وهي تقول: “الله الذي خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهن”، فسكت عنه “إمام التفسير وحبر الأمة وفقيهها” والصحابي الذي دعا له النبي وهو فتى وقال: “اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل”، طبقاً لما ورد عنه في “صحيح البخاري” وكتب السيرة.
وملخص النظرية التي جاء بها الفيزيائي الأميركي هيو ايفرت، منذ 61 سنة، أن الوجود ليس كوناً واحداً، بل أكوان كثيرة، وهي موازية، أي أن كلاً منها يحتوي، بحسب ما طالعت “العربية.نت” عنها، على ما يحتويه الآخر، مع اختلافات “ظرف- زمكانية”، كأن يوجد باراك أوباما في هذا الكون، ويوجد هو نفسه في كون آخر، لكن ليس رئيساً، بل ربما تلميذاً بالروضة في أحد الأكوان، أو حارساً لمتحف القاهرة في كون ثالث، وربما طياراً بالسعودية في كون رابع.. إلخ، وهذا أهم ما في النظرية!.
في القرآن الكريم، أول آية هي “بسم الله الرحمن الرحيم” والثانية هي “الحمد لله ربّ العالمين”، والعالمين هي جمع جموع للعالم، فهناك بعد العالم العوالم، وجمع العوالم هو العالمين، والعالَم هو “وعي” حرف العين و”لام” وتعني تجليات العين وظهورها … عين النور البنفسجية الكهربائية، وليس عين الظلام الحمراء المتلاشية.
فما يعرف بتعدد الأكوان أو الأكوان المتوازية لا يرقى لأن يكون فرضية علمية، فضلًا عن النظرية العلمية! وإنما هو أقرب للخيال والتوهم الفلسفي، العاري عن الأدلة المادية والبراهين العلمية.
رأي بعض العلماء في وجود الأكوان الموازية
وعند سؤال بعض العلماء والفقهاء في تأكيد مسألة الأكوان الموازية نجد هذا الرأي ومفاده: “وأما الإسلام فحديثه عن الكون يتركز على خلق الأرض والسموات السبع وما بينهما، بخلاف الحديث عن أكوان لا متناهية في أبعادها ولا في أعدادها !! وعلى أية حال؛ فالقاعدة في مثل هذه الأمور أن تعامل معاملة الغيب.
فلا يجوز التعرض لها دون بينة من نقل صحيح، أو عقل صريح، قال تعالى: وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا [الإسراء: 36]. وقد ذكر ابن كثير أقوال المفسرين في هذه الآية ثم قال: مضمون ما ذكروه: أن الله تعالى نهى عن القول بلا علم، بل بالظن الذي هو التوهم والخيال.
وقال تعالى: {مَا أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ وَمَا كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا} [الكهف: 51]. قال الماوردي في (النكت والعيون): فيه وجهان؛ أحدهما: ما أشهدت إبليس وذريته. والثاني: ما أشهدت جميع الخلق خلق السموات والأرض. وفيه وجهان؛ أحدهما: ما أشهدتهم إياها استعانة بهم في خلقها. والثاني: ما أشهدتهم خلقها فيعلموا من قدرتي ما لا يكفرون معه. ويحتمل ثالثًا: ما أشهدتهم خلقها فيحيطون علمًا بغيبها لاختصاص الله بعلم الغيب دون خلقه.
الفرق بين السماء والسماوات
هناك اختلاف بيّنٌ بين ما يفسره البعض لمفهوم (السماء والسماوات) الوارد في القرآن الكريم وبين مفهوم (الكون) ذلك المصطلح الحديث الذي لم تعرفه العرب من قبل. فالسماء كل ما علا، والسماوات طبقات غير معلومة الحقيقة وربما تكون نوعا من الغيب.
لكن الكون هو كل شيء مادي كائن أو سيكون، ويضم بتعريفه المبسط النجوم والمجرات والكواكب وكل شيء يمكن رصده، وحتى المادة المظلمة والطاقة المظلمة التي تتسبب في تباعد المجرات بعضها عن بعض بما يعرف بتوسع الكون أو الزمكان وتشكلان معا أكثر من 94% من الكون، لكنهما بعد لم تكتشفا بشكل واضح.
ونخلص مما سبق، إلى عدم اليقين من وجود أكوان موازية بشكل علمي متعارف عليه، فقد تشير بعض الأدلة على وجودها، فيما ينفي علماء الدين هذه النظرية ويرفضونها شكلا ومضمونا، لكننا نقول أن الله سبحانه وتعالى خالق كل شيء وأتانا من العلم القليل بالنسبة لعلمه سبحانه وتعالى، ويظل السؤال مطروحا في أذهاننا وسنبحث عنه دائما حتى يقول العلم كلمته بصفة مؤكدة وسننتظر.