إلى أين يأخذنا العلم، وماذا يريد العلماء من الجنس البشري، هل يريدون فنائه عن بكرة أبيه أم يضعون النهاية لوجود الرجال؟، اليوم تفاجئنا إحدى الصحف العالمية بخبر إنتاج ونمو العضو الذكري في أحد المختبرات، وتتساءل الصحيفة: “هل أصبح الرجال زائدين عن الحاجة وسيأتي المستقبل بدونهم؟.
بحسب ما أوردته صحيفة “ديللي ستار ” البريطانية، قامت الدكتورة نيتسان جونين، بإنتاج الأعضاء التناسلية من الخلايا المستخرجة من الفئران. وأعربت عن أملها في أن تتمكن من إنتاج نسخ بشرية، قادرة على إنتاج الحيوانات المنوية في غضون خمس سنوات.
فيما مضى، سمعنا عن زراعة الأعضاء وهي نقل عضو من جسم إلى آخر، أو نقل جزء من جسد المريض إلى الجزء المصاب في الجسد نفسه، بهدف استبدال العضو التالف أو الناقص في جسد المتلقي. ويسمح مجال طب التجديد الناشئ للعلماء ومتخصصي الهندسة الوراثية بمحاولة إعادة تكوين أعضاء من الخلايا الخاصة بالمريض نفسه (الخلايا الجذعية، أو الخلايا المستخرجة من الأعضاء المصابة بقصور.
ويُطلق على الأعضاء و/أو الأنسجة التي تُزرع داخل جسم الشخص نفسه مسمى الطعم الذاتي. وتُسمى عمليات زراعة الأعضاء التي تُجرى بين كائنين من الجنس نفسه عمليات الطعم المغاير. ويمكن إجراء عمليات الطعم المغاير إما من مصدر حي أو من أشخاص متوفين دماغيًا.
مما سبق، نعلم أن مجال زراعة الأعضاء قد شهد تطورًا كبيرًا، بما فيها الأعضاء التناسلية التي أثارت جدلا كبيرا بين مؤيد ومعارض. لكننا اليوم أمام مسألة مختلفة تمامًا، وهي نمو الأعضاء التناسلية-العضو الذكري- أي انتاجها في المختبر!.
حالة حقيقية لزراعة الأعضاء التناسلية
في عام 2015، تمكن فريق من الأطباء الجراحين في جنوب إفريقيا من زراعة العضو الذكري بنجاح لشاب في الحادية والعشرين من عمره، الأمر الذي يمنح الأمل لكثير من الذكور الذين فقدوا أجهزتهم التناسلية لأي سبب من الأسباب، خصوصاً المصابين بنوع محدد من السرطان.
نمو العضو الذكري
بالعودة للاكتشاف الذي نحن بصدده في مقالنا، قالت الدكتورة جونين، التي ترأس مختبر تحديد الجنس في بار إيلان في إسرائيل: “هدفي ليس جعل الرجال زائدين عن الحاجة في دورهم في عملية الإنجاب، ولكنني أرغب فقط المساعدة في الأزمة العالمية الحاصلة في خصوبة الذكور. فنحن بحاجة إلى كروموسوماتهم، وعلينا أن نلتزم بها، وهدفي هو انتاج ونمو العضو الذكري”.
وأضافت الدكتورة وهي أم لأربعة أطفال: “ما أسعى إليه سيساعد الرجال الذين لا يستطيعون إنتاج الحيوانات المنوية ولا يستطيعون أن يصبحوا أباءً، وليس لاستخدامه كوسيلة لإنجاب الأطفال بدون رجل، وهو فرق كبير فليس الهدف إلغاء دور الرجال، بل على العكس هذا الاكتشاف يساعدهم على الانجاب في المستقبل.
استخدمت الدكتورة جونين خصية لفئران عمرها خمسة أيام لإنتاج خصية، وهي نسخة مجهرية من العضو الذكري، وأوضحت بأنها أضافت الهرمونات ووسيلة النمو؛ لمحاولة تكرار بيئة الخصية وكانت النتائج مبهرة وفاقت كل التوقعات.
انتاج عضو ذكري بشري
وفي المستقبل، تخطط الدكتورة جونين لإنتاج العضو الذكري باستخدام عينات بشرية. وتتمثل رؤيتها في زراعة الأشباه العضوية للخصية من الخزعات وهي فحص نسيج الجسد، ومعنى الخِزْعَة أو التشخيص النسيجي أو فحص العينة الحية هو اختبارٌ طبي يجريه جراح أو طبيب أشعة تدخّلي أو طبيب قلب تدخّلي بأخذ عينة من خلايا أو أنسجة ليتم فحصها؛ وهي عملية إزالة طبيّة لجزئ حيّ ليتم التحقق من وجود علة أو مرض. يفحص الأنسجة عالم أمراض تحت المجهر كما يمكن فحصها كيميائيا وتؤخذ هذه الخزعة من الأطفال المصابين بالسرطان، وتأمل جونين في تنمية الحيوانات المنوية للخصية في المختبر.
وفي غضون خمس سنوات، تأمل الدكتورة جونين أن تتقن هذه التقنية، ما يمكنها من تنمية خصيتين صغيرتين من قطعة صغيرة من الجلد مأخوذة من رجل يعاني من العقم. ويأتي ذلك بعد تحذيرات من أن الجنس البشري بأكمله سيتعرض للخطر إذا لم يتم تحسين نوعية السائل المنوي لدى الرجال.
وقال كريستوفر بارات، أستاذ الطب الإنجابي بجامعة دندي وعضو مجلس إدارة منظمة الصحة العالمية لتحليل السائل المنوي: “إن خصوبة الرجال في أزمة، وما لم نفعل شيئًا حيال ذلك، فإن الجنس البشري سيكون مهددا بشكل كبير، والنتيجة حتما كارثية على البشر في حال تجاهلنا هذه المسألة الخطيرة، من مشاكل في الخصوبة والعضو الذكري”.
في السياق ذاته، وجدت الدراسات أنه بين عامي 1973 و2018 انخفض تركيز الحيوانات المنوية بنسبة 1.2% سنويًا، وبعد عام 2000، انخفضت بنسبة مثيرة للقلق إذ بلغت 2.6% سنويًا.
وأضاف بارات: “لا يقتصر الأمر على انخفاض عدد الحيوانات المنوية – أي إجمالي عدد الحيوانات المنوية في كل قذفة – ولكن أيضًا ينخفض تركيز الحيوانات المنوية، أي أنه منخفض وغير مركز بالشكل الكافي في كل مليلتر، ما ينتج عنه انخفاض عوامل مؤثرة مثل مدى جودة الحيوانات المنوية، الأمر الذي يدعونا للخروج عن المألوف والعمل على علاج المشكلة من جذورها بتنمية العضو الذكري”.
وتابع:“كنا نقول أنه في 99% من الحالات، إذا كان الزوجان يكافحان من أجل الحمل، فعادةً ما يكون ذلك بسبب مشكلة مع المرأة؛ ولكننا الآن نقول إنه من المرجح أن يكون ذلك بسبب الرجل.»
واستكمل البروفيسور بارات إن حوالي 7% من الرجال في المملكة المتحدة، يعانون من مشاكل الخصوبة، وهذا الرقم معرضا للزيادة خلال السنوات القادمة. وأضاف: “إن خصوبة الرجال لا تحظى بالتقدير التام ولا تخضع للبحث الكافي، ما يدعو للقلق في المستقبل.