لا شك أن عالم الرعب والأساطير يستهوي العديد من الناس ومعروف أن لكل بلد أو عدة بلدان أساطير رعب مختلفة تنتقل عبر الأجيال من الأجداد إلي الأحفاد، بالنظر إلى العوامل البيئية هناك أساطير تخص البحار والمحيطات والشواطئ، كما أن هناك أساطير ترتبط بالجبال والكهوف، ويرتبط غيرها بالثلج والمستنقعات، فضلا عن أساطير ترتبط بالأثار العديد والعديد من الأساطير ترتبط ارتباطا وثيقا بالأماكن المهجورة. ما يدل على أننا نمتلك الهالووين لكن على طريقتنا المصرية.
مع إقتراب موسم الهالووين الذي بات صرعة وتقليع من تقاليع الغرب، وامتد إلينا في الشرق، فقد إرتبط به العديد من الشعوب الغربية وانتقل الينا نحن العرب، ومع انتشار المدارس الدولية في مصر أصبح التقليد الأعمي بالإحتفال بالهالووين الغربي، وبما أنه احتفال بالرعب تنتشر تقاليع ارتداء الأقنعة المخيفة. هلم بنا نعود للتراث المصري المليء بأساطير الرعب ونتعرف على مصدرها.
لكننا نقول لهم بمناسبة الاحتفال بالرعب أو الهالووين. في تراثنا المصري هناك أساطير عديدة مخيفة، تنتقل عبر الأجيال وهناك من يؤمن بها إيمانا وثيقا، وقد تربى عليها أجيال عديدة، نصحبكم قراء الداديز الأعزاء في جولة استثنائية، للتعرف علي أشهر الأساطير المصرية ونعرف مصادرها و من أين جاءت.
الهالووين المصري: أمنا الغولة
من بين قصص الهالووين المصري، قصة أمنا الغولة من الأساطير الشائعة جداً، ولكن قلة يعرفون مدى إرتباطها بموروث آخر، وهو رموز الحماية من الحسد و”العين“، مثل “الخرزة الزرقاء” و”الكف” أو “الخمسة” أو “يد فاطمة“. لطالما كانت هذه الرموز حاضرة في مناسبات الزواج والولادة وغيرهما، وفي السنوات الأخيرة، باتت من القطع الطاغية في عالم الأزياء والمجوهرات
نجدها مطبوعة على القمصان والحقائب، وكافة أشكال الحلي سواء المجوهرات الثمينة، أو الأقراط والأساور البلاستيكية الرائجة بين المراهقين. وهناك فنانين ومشاهير كثر يرتدون خواتم أو أساور تحمل علامة العين، من بينهم مثلاً المخرج الأمريكي سبايك لي الذي لا تفارق قلادة العين رقبته في مناسبات سينمائية عديدة.
حسناً، قد تسألون ما علاقة كلّ هذا بأمنا الغولة؟ وما سر العين الزرقاء أو الكف وما هو منشأها؟ وما الذي بقي في عصرنا هذا من استخداماتها الأصلية عبر التاريخ؟. يمكن رصد أساطير ارتبطت برمز الكف أو العين، في ديانات وفلسفات وحضارات مختلفة، كالهندوسية والبابلية والآشورية، واليونانية، والرومانية، إلى جانب المصرية القديمة.
فمنهم من رأى في اليد المرفوعة رمزا لـ “كف” البلاء ودرء شر مرتقب، ومنهم من رأى فيها رمزاً لجلب القوة، والبركة، والحماية، والخير. ويُعرف هذا الرمز أيضا باسم “يد مريم” نسبة إلى أخت موسى في اليهودية، والسيدة مريم والدة السيد المسيح في المسيحية، كما يُعرف بـ “يد فاطمة” نسبة لأبنة النبي محمد صلي الله عليه وسلم في الإسلام.
أما كلمة “خمسة” فارتبطت بالأهمية الرمزية لهذا الرقم لدى العديد من الفلسفات والأديان المختلفة، بما في ذلك الأصابع الخمسة المتصلة بـ “الشكرات”، والحواس الخمس، وأركان الإسلام الخمسة. كما ربطت كلمة “خمسة” بآيات سورة الفلق الخمس والتي نستعيذ بها من الحسد.
ربما تتجسد بعض الأسباب، التي ساهمت في ربط هذا الرمز بالحماية من “العين” بالاعتقاد القديم، والذي لا يزال سائداً في مجتمعاتنا حتى اليوم بأن عين الإنسان قادرة على بث إشعاعات أو ذبذبات، تسبّب الأذى إذا ما أطالت النظر على شخص أو شيء معين.
كما يتوافق هذا المفهوم مع الاعتقاد المغلوط بأن لدى أصحاب العيون الزرقاء قدرة على بث إشعاعات ضارة، الأمر الذي أشار إليه بلوتارخ عند وصفه لأشخاص “يعيشون جنوب البحر المتوسط”، وأنهم يتميزون بقدرة خاصة على إلحاق الأذى بسبب زرقة عيونهم!.
سر إخافة الأطفال من أمنا الغولة كي يناموا:
لا تخلو حكايات بعض الجدات في مصر من قصص أمنا الغولة، التي ارتبطت بمخيلة معظم أطفال مصر عبر العصور، ودوماً ما كانت هذه الحكايات مصاحبة لقصص ما قبل النوم، حين تسرد الأم أو الجدة قصة أمنا الغولة التي كانت تسكن مغارة غامضة مثلاً؛ لتتسلل إلى مخادع الأطفال وتخطفهم من أحضان أمهاتهم. يخاف الطفل وقتها ويعد أمه أو جدته بأن “يسمع الكلام” و سينام دون إزعاج خوفاً من بطش أمنا الغولة، وكان تهديدا لأولئك الأطفال الذين لا يريدون النوم.
حل “بسيط” لبعض الأهل، لكنه ثري في مكنونه الثقافي، إذ يُعتقد أن هذه الشخصية مشتقة بالفعل من أساطير بلاد ما بين النهرين، نقلت من نصوص قديمة، كملحمة جلجامش مثلاً، لتشغل حيزاً كبيراً من المخزون الفولكلوري، أبرزها أسطورة “ليليث” أو كما تعرف في الحكايات العربية بـ” أمنا الغولة”.
ويقارن الباحث والمحلل النفسي السويسري سيغموند هورويتز، قصة ليليث بأساطير ذات أصول بابلية وآشورية، ويشير إلى ترجمات تربط بين اسم ليليث بـ كلمة “غول” و”جن“، مؤكداً بأن هذه الكلمات كانت حاضرة جنباً إلى جنب مع اسم ليليث في بعض النصوص الآرامية.
وتذكر ليليث في بعض ترجمات سفر أشعياء في الكتاب المقدس، حيث تردد رواية أن الله خلق آدم وخلق له زوجة متساوية معه. لكن زوجة آدم الأولى رفضت الانصياع له. حينها خيرت بين الانصياع وبين الطرد من الجنة، فاختارت ألا تنصاع.
وبحسب بعض المعتقدات، نفيت ليليث أو حواء الأولى من الجنة، وحكم عليها بأن تشهد موت جميع أطفالها، متخلية بذلك عن دورها السابق كزوجة آدم وأم البشر. ومن هنا ولدت أسطورة ليليث الشيطانة أو أمنا الغولة التي تسعى لقتل أبناء حواء (الثانية) حسداً وانتقاماً.
هذا الأمر أشار إليه المشرع والفقيه البريطاني جون سلدن في كتابه الشهير “عن الآلهة السورية” الصادر عام 1617. إذ يكتب:”تسمى ليليث بين اليهود الإسم الذي اشتق من إسم هلالة (اللات) عند العرب وهو مصدر ليلى أي تلك هي الليل ويؤمن اليهود اليوم أن ليليث هي عدوة للنساء أثناء الولادة ولأطفالهن، ووفقًا للطقوس القديمة، يكتبون بشكل خرافي تعويذات بهذه الكلمات: آدم، حواء ليليث اذهبي من هنا”.
وهو ما يعزز من الاعتقاد السائد بأن لكلمة (تهويدة) أو Lullaby صلة بـ Lilith Abi أو “ليليث اذهبي“، وبأن للزغرودة أو (لي لي لي ليش) أثر يمتد من شعائر قديمة، تسعى لكف أذى ليليث عن العروسين وبالأخص نسلهما المنتظر. ما يؤكد أن عندنا نحن المصريين احتفال بالهالووين كل يوم لكن على طريقتنا الخاصة.
أبو رجل مسلوخة
يعد أبو رجل مسلوخة من أهم قصص الهالووين المصري. يُحكى أن رجل كان مشوها، كانت قدمه الشمال مسلوخة تمامًا، أما القدم اليمني كان نصفها مسلوخة، هذا الرجل البشع كان يحضر من أجل أن يخيف الصغار، وربما يأخذهم معه، أو يعاقبهم بالضرب أو وضعهم في حجرة مظلمة، وقال الناس إن هذا الكائن كان يأتي في الليل، وكان يحضر فقط للأطفال الذي لا ينفذون أوامر والديهم، كذلك للأطفال الذين لا يذهبون مبكرا إلى الفراش، أو لا يأكلون طعامهم، ولا يشربون الحليب.
مثلت أسطورة “أبو رجل مسلوخة” رعبا لأجيال متعاقبة في مصر، فبمجرد التلويح به يكف الطفل عن فعله أو طلبه وينفذ ما يؤمر به. التصورات التي روجتها الصورة الذهنية عن هذا الرجل الذي يأكل الأطفال أو يخطفهم لا زالت حتى يومنا هذا تتردد وبشكل كبير، إلا أن اكتشاف سر تواجده في المعابد المصرية حل لغز الأسطورة التاريخية.
هو المعبود المصري القديم “بس” رب المرح والسرور في مصر القديمة، والرب الحامي للطفولة في العصرين اليوناني والروماني، وهو معبود ذو أصل آسيوي، يظهر في معظم حالاته وتماثيله على هيئة “قـزم“. ولعب دورًا هامًا في مصر القديمة كرب للمرح والسرور.
ظهرت هيئة المعبود “بس” بشكل واضح منذ عصر الدولة الوسطى، إلا أن أقدم هيئة معروفة له ترجع لعصر الدولة القديمة، وإن كانت لا تصور المعبود نفسه، وإنما تمثل (قناع المعبود) الذي جسد شكله في وضع أمامي بلبدة الأسد، فضلا عن وجود إشارات لهيئات مشابهة لهيئة بس.
فضلا عن أنه كان يتسم بصورة أو هيئة هزلية ومريعة في آن واحد، هيئة تجمع ما بين البشرية والحيوانية، وتشيع الضحك والفزع في آن واحد.
وفى دراسة نشرتها “سارة يونج” بعنوان “الرجال المتوحشون فى العالم القديم” نشرته على ancient-origins، تظهر الحيوانات الشبيهة بالإنسان فى الخرافات والأساطير من الثقافات فى جميع أنحاء العالم.
إن أكثر الظواهر المعروفة “للرجل البري” اليوم هى أو Big Foot فى أمريكا الشمالية، ولكن هناك أساطير أخرى مثل (رجل الثلج البغيض)، ويقال أنه يعيش فى برارى جبال الهيمالايا.
وتبدو أسطورة Big Foot وغيرهم من الرجال المتوحشين وكأنها مفهوم حديث، لكن هذه الأساطير من الرجال المتوحشين ليست مجرد ظاهرة عالمية – إنها ظاهرة قديمة، سادت لمئات السنين، حيث انتقلت من جيل إلى جيل.
النداهة
وعلى عكس النداهة اشتهرت “أم الشعور” بشكلها القبيح وشعرها الطويل لكنه ليس جميلاً بل منكوش وأظافرها طويلة للغاية.
وتقول بعض الأساطير إنها لا تمارس نشاطها ليلاً فقط وإنما أيضًا فى وقت الظهيرة، وفى بعض الأساطير فى وقت الغروب لذلك كان الفلاحون يمنعون أبنائهم من نزول الترع فى هذه الأوقات.
وارتبطت أسطورة “أم الشعور” بالتاريخ الفرعونى، حيث يعتقد الريفيون أن “أم الشعور” هذه هى روح “عروس النيل” التى كان يقذف بها للنيل من أجل جلب الفيضان، وأنها عادت لتنتقم، ولهذا تظهر فى ماء النيل فقط. ولكننا نؤكد أن مسألة عروس النيل ليس لها أساس في الحضارة المصرية القديمة ولا تمت لها بصلة.