لا يكف العلم عن السير بسرعة البرق لخدمة الإنسانية، ولا يهدأ للعلماء بال لإكتشاف كل جديد في عالم الطب والأدوية، ومواكبة التطورات العلمية في سبيل تخلص البشرية من الأمراض المستعصية والأوبئة المنتشرة في ربوع المعمورة. اليوم يفاجئنا العلماء بتطور علمي مثير، وهو كبسولة البراز لإنقاذ المرضى من خطر الموت والأمراض المستعصية.
إنها واحدة من أكثر التطورات العلمية إثارة، ولكنها فكرة غير مقبولة نوعا ما، مَن مِنا يستطيع بلع كبسولة البراز وهو يعلم جيدا ما تحتويه هذه الكبسولة، لكن علينا أن تعترف أن الألم غير المحتمل يعكر علينا صفو حياتنا ويجعلنا نفعل المستحيل في سبيل الشفاء منه والشعور بالراحة بعد المعاناة. لا تخف فهذه الكبسولة ليست بالمعنى الحرفي فهي حقنة شرجية سنشرح تفاصيلها تاليا.
من هذا المنطلق، فكر العلماء في الفوائد التي تعود على المريض بالأمراض المستعصية المهددة للحياة، وبحثوا عن الحلول الممكنة مهما كانت غير مرضية للبعض. تسلط صحيفة “ذا صن” البريطانية الضوء على هذه المسألة وتنشر تفاصيل هذا السبق العلمي غير المسبوق وإليك التفاصيل.
كبسولة البراز
يتضمن العلاج المعروف باسم زرع الكائنات الحية الدقيقة البرازية، أو تُسمى عملية زرع البراز أيضًا بزراعة الكائنات الحية الدقيقة البرازية (FMT)، أو زراعة البراز، أو العلاج البكتيري، أو زراعة الكائنات الحية الدقيقة المعوية. يستخدم FMT بشكل رئيسي لعلاج الالتهابات المستمرة مع C. diff، عن طريق إدخال براز الشخص السليم وبكتيريا الأمعاء في أمعاء شخص آخر مريض. قد ترفض الفكرة برمتها لمجرد تخيلك لمكونات كبسولة البراز أو الحقنة الشرجية المحتوية على البراز، لكن عندما تفكر في أنها الحل الأمثل للشفاء من الأمراض وإنقاذك من المرض الذي يهدد حياتك ربما تتقبل الفكرة.
وذلك لأن هذا العلاج سيصبح علاجًا رائدًا لعدد كبير من الأمراض، مع استمرار التجارب ليكون علاجا فعالا للأرق، ومرض باركنسون، والحساسية، وأمراض الأمعاء، وحتى السرطان.
في الشهر الماضي، أنهى الطبيب ريك دالواي، من ستراتفورد أبون آفون، ويست ميدز، طريقة العلاج خلال دراسة تعمل على كشف فعالية كبسولة البراز أو عملية زرع البراز وسنشير إليها بحروف FMT في النص لتخفيف مرض الكبد النادر.
حالة مرضية مستعصية
يعلم الرجل البالغ من العمر 50 عامًا أنه لا يوجد علاج لحالته المزمنة وهي – التهاب الأقنية الصفراوية المصلب الأولي – الذي يسبب تندب القنوات الصفراوية ويمكن أن يؤدي إلى تليف الكبد. عن هذه الحالة يوضح ريك الذي يعمل في مجال حماية البيانات، لشركة Sun Health، كيف لهذه الطريقة الفعالة أن تعالج ذلك الرجل.
يشرح ريك وهو واحد من 58 شخصًا في إنجلترا يشاركون في تجربة فارجو، بقيادة الدكتور بالاك تريفيدي، العالم السريري في المعهد الوطني لأبحاث الصحة والرعاية في مركز برمنغهام للأبحاث الطبية الحيوية. والذين يقومون باختبار كبسولة البراز FMT لرؤية ما إذا كانت ستسهم في شفاء المصابين بـ PSC أو التهاب الأقنية الصفراوية المصلب الأولي، والذي يؤثر في الغالب على الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 40 عامًا.
تم إجراء الاختبارات على المرضى بتناول كبسولة البراز، وسيتم متابعة حالاتهم لمدة 40 أسبوعًا. وسيتم مراقبة مدى استجابة المرضى للعلاج، الذي يؤخذ عن طريق تنظير القولون أو حقنة شرجية في الجزء السفلي أو أنبوب رفيع يتم إدخاله عبر الأنف ثم إلى المعدة.
كان ريك يستخدم الحقن الشرجية مرة واحدة في الأسبوع، ويقول: “يتم إعطاء الحقنة الشرجية ثم تستلقي لمدة 30 دقيقة تقريبًا، مما يمنح العينة وقتًا لملء القولون.
سر الشباب
بعد العلاج بكبسولة البراز بالطريقة المشروحة آنفا، ينبغي على المريض الصمود والتحمل لأطول فترة ممكنة، لأنه في تلك المرحلة سيحتاج إلى الدخول للمرحاض بشكل متكرر. ومع ذلك، فهذه ليست الطريقة الوحيدة التي يتم بها إجراء “عمليات زرع البراز”.
حيث يقوم علماء كينجز كوليدج لندن بصنع ما يسمى بـ “crapsules” وهي على شكل كبسولة كجزء من تجربة Promise، للنظر لأمكانية تقليل العدوى لدى المصابون بأمراض الكبد بعد تناول كبسولة البراز بأي طريقة، وتقول كبيرة الباحثين البروفيسورة ديبي شوكروس: ” يتم فحص المتبرعين بعناية والتأكد من أنهم أصحاء ولا يعانوا من أمراض تتعارض مع الاختبارات السارية”.
هناك المئات من التجارب العالمية الجارية بأساليب العلم الحديث للميكروبيوم، كما يقول الدكتور جيمس كينروس، كبير المحاضرين في جراحة القولون والمستقيم والجراح الاستشاري في إمبريال كوليدج لندن ومؤلف كتاب المادة المظلمة.
علامات الإصابة بسرطان الأمعاء
قد تشمل أعراض سرطان الأمعاء ما يلي:
- تغيرات في البراز، سواء إسهال أو إمساك مزمن.
- الحاجة إلى التبرز أكثر أو أقل من المعتاد بالنسبة لك.
- ظهور دم في البراز فيبدو أحمر أو أسود
- نزيف من المؤخرة.
- غالبًا ما تشعر أنك بحاجة إلى التبرز، حتى لو كنت قد خرجت للتو إلى المرحاض.
- آلام في البطن.
- الانتفاخ.
- فقدان الوزن دون داعي.
- الشعور بالتعب الشديد دون سبب.
قد تحمل تقنية كبسولة البراز أو عملية زراعة البراز FMT “سر الشباب”، وفقًا لباحثين في الصين، الذين زعموا العام الماضي أنهها قادرة على “عكس آثار الشيخوخة على الجهاز الهضمي والدماغ والرؤية”. ويستشهدون بتصريحات النجمة الأشهر على الإطلاق نجمة تليفزيون الواقع الأمريكية كيم كارداشيان، التي قالت في عام 2022 إنها على استعداد أن “تأكل البراز كل يوم” و ستكون سعيدة للغاية في خال ساعدها ذلك على تحدي الشيخوخة والتمتع بالشباب الدائم.
يرتبط الاهتمام بـكبسولة البراز FMT بالميكروبيوم المعوي – النظام البيئي للبكتيريا- والفطريات والفيروسات التي تعيش في أمعائك. يقول البروفيسور شو: “سبعون في المائة من جهاز المناعة لدينا موجود في أمعائنا، وبها عدد كبير من الميكروبات.
وأضاف: “عندما نكون أصحاء نعيش في وئام مع هذه الميكروبات. ومع ذلك، يمكن أن يتعطل ذلك بسبب المضادات الحيوية أو سوء التغذية أو العدوى (التسمم الغذائي وما إلى ذلك). من ثم يمكن للبكتيريا المسببة للأمراض (تلك التي تسبب الضرر) أن تتفوق على الأنواع المفيدة من البكتيريا.
“ما يؤدي إلى تلف حاجز الأمعاء وانتقال البكتيريا الضارة إلى أجسامنا، مما يعطل استجاباتنا المناعية ويؤدي إلى زيادة خطر الإصابة بالعدوى والأمراض الالتهابية المزمنة. وهو ما نعد بمحاربته من خلال كبسولة البراز التي تعد وسيلة مذهلة لاستعادة الكائنات الحية الدقيقة الجيدة.” يقول الدكتور كينروس: “يتم تطبيق العلاج بـزراعة البراز FMT أو كبسولة البراز في حالات مثل السمنة أو السكري أو مرض الزهايمر أو مرض باركنسون؛ لأن الجزء المشترك في بيولوجيتنا الذي يربط بينها جميعًا هو جهاز المناعة”.
كبسولة البراز الحل الأمثل لأمراض الأمعاء!
كيف أصبحت أحشائنا مريضة إلى درجة أن الحل الوحيد هو إجراء عملية زرع براز؟ في الوقت الحالي، هناك استخدام واحد فقط معتمد لكبسولة البراز FMT في هيئة الخدمات الصحية الوطنية. في أغسطس 2022، أعطت الجهات التنظيمية الضوء الأخضر لعلاج البالغين الذين عانوا من نوبات متعددة من المطثية العسيرة (C. diff) والتي لم يتم علاجها بالمضادات الحيوية، مما يؤثر على حوالي 500 شخص سنويًا.
بحسب سايمون جولدنبرج، استشاري علم الأحياء الدقيقة في مستشفى جايز آند سانت توماس، هو كبير الباحثين في تجربة فيرارو التي أجرتها شركة KCL، والذي يبحث في امكانية زرع الميكروبات وهل يمكن أن تعالج الأشخاص الذين يعانون من الجراثيم المقاومة للمضادات الحيوية. يؤكد على إنه بخلاف التهاب القولون التقرحي، وهو نوع من الأمراض الالتهابية، فإن “الأدلة ليست مقنعة لهذه التقنية العلاجية بشكل مرضي. ومن المثير للقلق أن ضجيج زراعة البراز وصل حد أشخاص يقومون بعمليات زرع الأعضاء ضد نصيحة الأطباء.
الآثار الجانبية لكبسولة البراز
الآثار الجانبية طويلة المدى لكبسولة البراز أو زرع البراز FMT ليست واضحة بعد، من المحتمل أن يؤدي إلى الإصابة بمرض السكري من النوع 2 أو السمنة. في عام 2015، أفادت مستندات أمريكية أن امرأة تبلغ من العمر 32 عامًا، أصبحت “بدينة” بعد إجراء اختبار زرع البراز FMT لعلاج مرض المطثية العسيرة باستخدام براز ابنتها ذات الوزن الزائد.
يقول الدكتور كينروس إنه على الرغم من أن زراعة البراز FMT يغير حياة الناس للأفضل، إلا أنه غير معلوم النتائج بعد. لكنه يرى أنها تحظى بشعبية متزايدة. حيث تقدمه بعض العيادات الخاصة لعلاج بعض المشاكل الصحية، مثل التعب أو ضباب الدماغ أو الحساسية بمبلغ يصل إلى 5 الآف جنيه إسترليني؛ ما يجعلها تجارة رائجة في الوقت الراهن
الخبراء يحذرون من عيادات زرع البراز الخاصة
تقدم العيادات الخاصة تقنية زرع البراز FMT مقابل مبلغ كبير من المال، وذلك للتخفيف من قائمة طويلة من المشاكل الصحية العامة، مثل التعب أو ضباب الدماغ أو الحساسية. حتى أن هناك أشخاصًا على استعداد لتجربة زرع البراز FMT في المنزل، عن طريق تغيير العينة من أحد الأقارب أو الأصدقاء.
أو زيارة أحد المواقع الإلكترونية التي ترغب في شحن براز أحد المتبرعين إلى باب منزلك. يقول البروفيسور شو: “هناك خطر انتقال العوامل المعدية إذا لم يتم فحص العينات بشكل صحيح وإدارتها بأمان. بالطريقة التي نجري بها مثل هذه الإجراءات في هيئة الخدمات الصحية الوطنية.” على نطاق أوسع. وتشمل المشاريع الأخرى تطوير مرافق فحص المتبرعين، وبنوك البراز، ومراكز تصنيع البراز وما إلى ذلك.
