حكاياتماورائيات

ما هي الطاقة المظلمة في الكون وهل توصل العلماء لحل شفرتها؟

الطاقة المظلمة في الكون ولماذا الفضاء مظلم؟

لا تزال هناك العديد من الأمور الغامضة التي تملأ الكون ولا نجد لها تفسيرات، وما زلنا نتبحر في علم الطاقة اللانهائي، لكننا لم نتحدث عن الطاقة الروحانية، وسنتحدث عن الطاقة المظلمة في الكون ونعرف تفاصيلها وسر وجودها في الكون وهل توصل العلماء لحل شفرتها؟.

علميا تعرف الطاقة المظلمة في علم الكون وفيزياء الجسيمات بأنها أحد الأشكال الافتراضية للطاقة التي تملأ الفضاء والتي تملك ضغطاً سالبا. وحسب مفهوم نظرية النسبية العامة لآينشتاين، إن تأثير مثل هذا الضغط السالب يكون مشابهاً لقوة معاكسة للجاذبية في المقاييس الكبيرة. وإن افتراض مثل هذا التأثير هو الأكثر شعبية حالياً لتفسير تمدد الكون بمعدل متسارع، كما يشكل تفسيراً معقولاً لجزء كبير من المادة المفقودة missing mass في الفضاء الكوني.

من المعروف أن الكون مكون من المادة، الأرض والشمس والقمر والنجوم والمجرات، وتتكون المادة من جزيئات مثل الالكترونات والبروتونات وغيرهما، من ثم تتكون الذرات للعناصر المختلفة مثل الأكسجين والنيتروجين وما إلى ذلك. يتكون الكون من 27 في المئة من المادة المظلمة و68 في المئة من الطاقة المظلمة، بالإضافة إلى 5 في المئة فقط من المادة.

عندما الفيزيائي العظيم حلل إدوين هابل الضوء القادم من المجرات، وجد أن الضوء المنعث منها والذي يحدد وفق درجة الحرارة، يمكن التنبؤ به ومعرفة صفات الطول الموجي لها، وبالتالي نستطيع تحديد لون الضوء المنبعث من هذه المجرة، ولكنه تنبأ بطول موجي مقداره كذا نانو متر ولكنه تفاجئ بأن الطول الموجي عكس ما توقع، الأمر الذي يثبت أن الكون يتمدد.

من جهته قال الفيزيائي فريد هويلي: ” اطلقت اسم “الانفجار العظيم” على فكرة “الفضاء البالون”. تشير النظرية إلى أنّ الكون كان مكونا من غاز كثيف وساخن بشكل لا نهائي، بدأ في التمدد والتبريد. ما سمح في ظهور النجوم، ثم الكواكب مثل الأرض. أي أنّ كل شيء في الكون كان مكثفا في وحدة صغيرة، نقطة من الكثافة والحرارة اللانهائية وكان صغيرا جدا”.

الطاقة المظلمة الطاقة المظلمة في القرآن

عامل الجاذبية

جميعنا يعلم أن الجاذبية بمقدورها شد الطائرات وكل شيء على الأرض، من هذا المنطلق تستطيع الجاذبية شد الكون وسقوطه، فبعد الانفجار العظيم تفتت الكون، ثم جذبته الجاذبية مرة أخرى، فتنجذب الكواكب والنجوم إلى بعضها مرة ثانية، وبفعل الجاذبية تحدث نتيجة عكسية للإنفجار العظيم وهو ما يسمى بالإنسحاق العظيم.

لكن قوة جاذبية الأشياء تختلف حيث أن قوة جذب الأرض لها أكبر من طاقة حركتها قوة اندفاعها، وهو يتوقف على قوة دفع هذه الأشياء، إلا في حالة واحدة، حينما تدفعها بسرعة 11 كيلومترا في الثانية تقريبا. نسميها “سرعة الإفلات (5) Escape velocity “، السرعة التي يجب أن يجري بها جسم ما لكي يفلت من قوة الجاذبية الأرضية، فلا يعود للأرض مرة أخرى وإنما يستقر بالأعلى أو يستمر في الاندفاع في الفضاء لأنه لا جاذبية لتؤثر عليه.

يمكن تطبيق نفس الفكرة على الكون ككل، فالكون به مادة تتواجد في الكواكب، النجوم، والمجرات التي تحتويها، تلك المجرات تجري مبتعده عن بعضها البعض، لكن هناك قوّتان تتحكمان في هذا التمدد، طاقة حركتها التي اكتسبتها من الإندفاع بفعل الانفجار العظيم، وطاقة وضعها بسبب جاذبية محيطها من المجرات لها، الآن يمكن تطبيق ذلك على الكون كله، إلقاء الكرة هو الإنفجار العظيم، أما سرعة الإفلات هنا فهي قدرة قوة اندفاع الكون للتمدد على تجاوز جذب مكوناته لذاتها، هناك إذن ثلاثة احتمالات.

ما هي الطاقة المظلمة

تحتوي مجرة درب التبانة بيتنا السماوي، على حوالي أربعمائة مليار نجم، وهي فقط واحدة من تريليوني مجرة، حد علمنا، في هذا الكون الواسع. لكن، هل تعرف أن كل تلك النجوم والكواكب الموجودة في الكون تمثل فقط(1) ما يبلغ مقداره النصف في المائة من تركيبه؟.

نعم، وحينما نضيف السحب الغازية البين – نجمية الضخمة في جوانب المجرات لتلك النصف وهو ما آشرنا إليه في سياق المقال. قد يكون ذلك صادما قليلا في إطار ما نعرفه عن التطورات العلمية خلال السنوات الأربعمائة الأخيرة، لكنها الحقيقة، أما حينما نضيف ما نعرفه عن كم المادة المظلمة يصبح 23% تقريبا، لكن ما الذي يوجد في 72% الباقية من تركيب الكون؟

بعيدًا عن هذه النظريات التي يصعب فهمها، فالمعادلات تشرح تطور تمدد الكون مع الزمن، ومع الزمن تقل الكثافة لأن حجم الكون يصبح أكبر مع نفس العدد من المجرات، لكن ثابت أينشتين هو ثابت، لا ينقص مع الزمن، حتى حينما يتمدد الكون ويتسع، ولا يعني ذلك سوى شيء واحد، أن هذا الثابت يعبر عن شكل من أشكال الطاقة الذي يزداد كلما ازداد حجم الفضاء نفسه حتى يظل ثابتًا بالنسبة لهذا لحجم، وهنا ظهرت فكرة “الطاقة المظلمة (Dark Energy)”.

الطاقة المظلمة إذن لا علاقة لها بالظلام في شيء، في بعض الأحيان تسمّى بالعربية “معتمة”، لكن تلك العتمة ليست إلا جهلنا في تحديد ما هية تلك الطاقة، كانت معادلات فريدمان هي الدليل النظري على وجود تلك الطاقة المظلمة، لكن دليلا آخر أكثر أهمية ظهر في أواخر التسعينيات حينما توصّل فريقان منفصلان من العلماء، فريق (Supernova Cosmology Project) وفريق (High Z-supernova Search Team).

توصل الفريقان لمفاجأة غاية في الغرابة تسببت في حصولهما على نوبل، لكن قبل الولوج إلى النتائج دعنا نتأمل الفكرة الذكية هنا، وهي أن نقوم بقياس سرعات المجرات على مسافات مختلفة منّا، حينما نعرف مثلا أن مجرة ما تبتعد عنّا خمس ملايين من السنوات الضوئية يعني ذلك أن الضوء الذي يصلنا منها قد خرج منها قبل 5خمسة ملايين من السنوات، نحن إذن نرى ماضيها.

حينما نقيس سرعات المجرات على مسافات مختلفة ونقارنها ببعضها البعض سوف نعرف إن كان الكون يتسارع أو يتباطأ في تمدده أو يستقر، فإذا كانت المجرات الأقرب مكانيا لنا، بالتالي الأحدث في الزمن، تجري أسرع من رفيقاتها البعيدة كان الكون يتمدد، وهذا ما توصلنا له، وهي أن الكون يتمدد بالفعل، لكن بشكل متسارع، وتلك مشكلة حقا، يشبه الأمر أن تلقي ببرتقالتك للأعلى، فتجد أنها كلما ابتعدت عنك، ازدادت سرعتها، هناك شيء يدفعها إذن، تلك هي الطاقة المظلمة.

هنا نصل لنتيجة هامة مضمونها أن تلك الطاقة التي تتزايد مع تزايد حجم الكون هي طاقة الفضاء نفسه، فكلما ازداد الكون تمددا ازدادت مساحة الفضاء فيه، وهذه هي الفرضية الأكثر قبولا وانتشار في الوسط العلمي إلى الآن، لكن في النهاية فإن طبيعة تلك الطاقة التي تتحكم في مصير الكون، وتمثل 72% من تركيبه.

الطاقة المظلمة الطاقة المظلمة في القرآن

لازالت محط بحث علمي نشط، وعدد الأسئلة غير المجاب عنها أكبر بكثير من تلك التي استطعنا الالتفاف حول إجابات ممكنة لها، وربما تعد أحدث منتجات هذا النشاط، قبل أيّام هي نتائج الدراسة الإستقصائية للطاقة لمظلمة والتي يعمل عليها أكثر من 400 عالم لدراسة 400 مليون جرم سماوي لبحث خصائص تلك الطاقة التي لا نعرف عنها شيء بعد.

نستخلص مما سبق أن هناك قوة هائلة تساعد الكون على تمدده بهذه السرعة الهائلة، وهي الطاقة المظلمة ولا يعلم أحد منبعها أو من أين تأتي هذه الطاقة المظلمة، وهي كبيرة جدا لدرجة أنها تمثل 68 في المئة من طاقة الكون بأسره،

من جهة أخرى تظهر يوما بعد يوم فرضيات جديدة تؤكد أنه لا حاجة لنا في “طاقة مظلمة” لتفسير هذا التسارع الغريب في تمدد الكون، وتحاول تلك الفرضيات التعويل على خطأ آخر في فرضياتنا الأساسية التي نفسر بها هذا التمدد، في فلسفة العلم يتم التعامل مع “الطاقة المظلمة” كفرضية إضافية. لفهم ذلك دعنا نحاول، مثلا، دراسة فرضية علمية تقول إن: “شرب اللبن يفيد كل الأطفال”، وهو ادعاء يمكن تفنيده حينما نجرب على عيّنة كبيرة متنوعة من الأطفال، لكن لو حدث واستطعنا اكتشاف أن شرب اللبن يتسبب في مرض الأطفال في مدينة الإسكندرية؟

ما نعرفه إذا، وما نتأكد منه يوما بعد يوم، هو أننا لا نعرف، لكن المميز في العلم هو قدرته على تكميم جهلنا ضمن برنامج بحث محدد، أقصد قدرته على تحديد كم تلك الطاقة التي نجهل ماهيتها، تحديد جوانب ذلك الثقب الموجود في معارفنا عن هذا الكون، لكن ما يثير الانتباه حقا هنا هو أن ما لا نعرفه إلى الآن يعد جوهريا في فهمنا لذواتنا والعالم، فبجانب سؤالنا عن تلك الطاقة التي تتحكم في مصير الكون، الطاقة المظلمة.

حتى يومنا هذا لم يتوصل العلماء لحل شفرة الطاقة المظلمة، ومعرفة ماهيتها وسبب تواجدها، لعلنا نأتي في يوم من الأيام ونسمع عن اكتشاف الطاقة المظلمة من قبل فريق من العلماء.

آمال أحمد

يأسرني عالم الترجمة وقضيت حياتي أحلم بأن أكون جزء من هذا العالم الساحر الذي اطلقت لنفسي فيه العنان لأرفرف بأجنحتي في سماء كل مجال، وأنقل للقارئ أفكار وأحداث من كل مكان على أرض المعمورة مع مراعاة أفكاره وعاداته وثقافته بطبيعة الحال، وفي مجال الترجمة الصحفية وجدت نفسي العاشقة للتغيير والمتوقة للإبداع والتميز.. من هنا سأعمل جاهدة على تلبية كل احتياجاتك ومساعدتك على تربية ابنائك وظهورك بالشكل الذي يليق بك ومتابعة الأخبار التي تهمك واتمنى أن أكون عند حسن ظنك.
زر الذهاب إلى الأعلى